الفضائيات.. والدور الغائب

حسين محمد ناصر


من بين الوسائل الإعلامية المهمة تبرز الإذاعة وفي مقدمة منها التلفزيون وسيلتين إعلاميتين في غاية الخطورة وعند الأحداث الكبيرة تكونا في غاية الضرورة أيضا!! والكثير من مصائب العصر وأفراحه لم يسمع أحد عنها ولم ير وقائعها بشكل واضح ودقيق إلا من خلال هاتين الوسيلتين باستثناء ما يحدث في بلادنا.
في البلاد اليوم تجرى الكثير من الوقائع والأحداث الوطنية الهامة والإذاعة والتلفزيون يعيشان خارج الحدث إلا ما تجود به عليهما المواقع والدوائر الإعلامية من خارجهما وكأنهما لا ينتميان لهذه الأرض ولا لشعبها بأية صلة ما عدا ما اعتاد عليه من برامج مملة وتهريج واغتراب فعلي عن الواقع المعاش والمهام المنتصبة الممهدة لمستقبل جديد لم يستوعب آفاقها ولا تفاصيلها ولا أهميتها القائمون على هذين الجهازين وعندما نقول إذاعة وتلفزيون فإن ذلك يشمل كل إذاعات البلاد المرئية والصوتية, وبالذات تلك المعين إصحاب شأنها بقرارات عليها.
انظروا كم يوجد لدينا من الفضائيات¿! واسألوا كم عدد الإذاعات التي يصل بثها إلى خارج الوطن¿!
فضائيات ما أنزل الله بها من سلطان ولا مهام ولا برامج ولا سياسات إعلامية مهنية ترتقي إلى مستوى ما نراه في فضائيات أخرى أقل منها مكانة وإمكانية.
آفة الإبداع في مجال الإعلام التحريضي والتثقيفي عندما يتحول الموظف فيه أو القائم عليه إلى شخص لا يرى من مسؤوليته الإبداعية إلا وسيلة للحصول على مرتب وحوافز ومصالح خاصة كل شهر وكأن الأمر برمته (براءة ذمة) تلقي من على كاهل صاحبه المسؤوليات المنتظرة التي لا ينفك من عمومياتها وخصوصياتها المسحة الإبداعية ومضمونها المهني ورسالتها الجماهيرية والوطنية.
وعندما يعيش الوطن والمواطن صراعا ومواجهة مع قضايا وتحديات حاسمة وفي غاية الأهمية والخطورة يسقط فيها الكثير ويعاني الكثير ويجد أن فضائياته في واد آخر وادي الإعلانات السلعية والبرامج الهشة والأغنيات الهزيلة فإن على المواطن أن يسأل:
– لماذا وجدت هذه الفضائيات¿
– ما هي السياسات التي تحكمها¿
– ما هي خبرة القائمين عليها¿
– ما هو الدور الذي يجب أن تضطلع به في الظروف الهامة التي تمر بها البلد¿
– ماذا قدمت خلال الأسبوعين الماضيين¿
– ماذا نقلت من صور حية لما يجري في أبين وشبوة وحضرموت¿
– لماذا لم ينزل مندوبوها من مصورين ومحررين إلى أماكن الأحداث وتقدم مادة إعلامية جديدة وبلون جديد.. مادة يتسابق الإعلاميون الأجانب عليها.. ويحلمون بتحقيق السبق الإعلامي.. والتغطية الفاعلة والسريعة لأحداثها ووقائعها.. ومن قلب الحدث أو من الأماكن المحيطة والقريبة منه¿
إن مشكلتنا أيها السادة أن هذه الأجهزة هي اليوم بأيدي أناس لا تربطهم بها ولا برسالتها ولا مهنيتها أية روابط ما عدا استلام مئات الآلاف من الريالات ولبس الكوت والكرفتة!!.
أما الإبداع.. ومقتضياته.. والمهنة ومهامها ورسالتها.. وأساليب تحقيق الفاعلية والتأثير المدروس على المتلقي/الشعب, فذلك هو ما يجهله هؤلاء بقنواتهم المتعددة واللاهثة وراء سراب يطمحون إلى الوصول إليه بسطحية وانعدام معرفة أو ثقافة إعلامية ضحلة.
نعم.. يتعجب المرء وهو يسمع ما يدور في البلاد.. وما يراه على شاشات فضائيات محسوبة عليه وعلى بلده ويفترض أن تقدم له وجبات خبرية/تثقيفية/ تحريضية تتماشى وتتوافق مع الأحداث وتطوراتها.. ولكن لعن الله محسوبية التعيينات والتقاسم الحزبي لمواقع يفترض إبعادها عن هذه البدعة القاتلة للإبداع والمبدعين والمهمشة لطاقات لم يستفد منها بعد!!
ومن لم يصدق ما قلت فليشاهد قنوات اليمن الفضائية الرسمية ويربط بين ما يراه وأحداث أبين وشبوة.

قد يعجبك ايضا