فؤاد سعيد فارع …
عبد الرحمن بجاش

كثير من البشر , يرحلون , لا تعود الأفئدة تتذكرهم , وهناك إنسان من بين الجموع يظل برغم السنوات , وهبوب الريح , وانقطاع المطر , يظل ساكنا , بل متربعا على قمة الذكرى ….لا يبرح أن يعود كلما هبت نسيمات التذكر لأروع وأجمل وأنبل الرجال الذين وحدهم يرحلون , فيحلون في النفوس ضيوفا , وفي المآقي دموع لا تتحجر , بل تظل تسافر هي الأخرى بين القلب والعقل, بين العقل والحواس , تذكر بأولئك النبلاء , من لا تستطيع السنوات ولا غبار الأيام محو وجوههم ووجودهم من الصدور والعيون ودفاتر الأيام , وحده يسجل حضوره كلما غربت شمس وراء غيم البحر , تغطس , لتظهر هناك في الأفق حزينة على مثل ذلك أو هذا الإنسان -لا فرق- فؤاد سعيد فارع !! , أو الرجل الاستثنائي بغير أن احلف على أن لا شبهة تملق أو نفاق تغلف هذه الأحرف لأنه كان فوق كل سقوط إنساني …كان رجلا … !! . هل يمكن للعينين في نفس الوجه أن تنافق الفم أو اللسان أو حاسة السمع التي ما برحت تصيخ السمع لتدفق الموج في شواطئ كل البحار التي مر بها أو مرت به , الأمر سيان . هاهي سنوات سبع وأنت يا صديقي لم تزل نائما متدثرا كالعادة بالسماء , تمدد رجليك بين المدى والمدى , بين المداحج والكدره , بين مداحص وبحر عدن حيث للعشاق ساحل ومنزل !! , هل تتذكر ¿¿ ليلة ظللنا نمتزج بالرمل على الشاطئ , كنت فيها فارس البحر , وأنا أعب من فم عدن كل شهد الأشواق لأيام , لخصها لنا البيضاني صاحب دكه عدن أو ذلك الشيخ الوقور شاهر صاحب مطعم شاهر أو آيسكريم الزبيري أو سلته العرشي في عدن ( هي عدن لب الأرض ومكرمة السماء )إذ لا مدينة تعانق البحر والجبل بحميمية الأرض سواها , لاحظت يا صاحبي الذي لم يزل نائما أن عدن تمارس العشق مع الجمالة تحديدا , لا ادري هل هو تمازج رائحة عرق أمين مغلس وقوافل الجمالة في خبت الرجاع¿¿ , لماذا سجلت عشقك دوما لصنعاء من (التربه) وقربت بين منيف وغيمان¿¿ , هل لان قمم الشاهقات لا تساوي إلا قمم رؤوس الرجال الذين يعتلون الرؤوس وحدهم رجال يعلمون معنى الرجولة وفاء, صدقا ,هروبا من كل تفاهات الدنيا¿¿ , رجال يعرفون كيف يظلون رجالا استثنائيين , تظل نقاوتهم وانتماؤهم للأرض تتدفقان كذلك السيل الذي لا يزال يربط العواطف بين سفح الجبل وضفة الوادي وسفح الصفا !! , لا زلنا يا صديقي نحلم وسنظل ما ظلت الأحوال تزرع الدخن ومحاجين الذرة , ويتدفق ماء وادي (الكنين) ازرق يسكب شهد دموعنا التي ذرفتها ذات صباحات مبللة بالغبش أرجلنا الغضة تسافر بحثا عن حلم, عن مستقبل, أوقفت كل نبلك وعزة نفسك وسمو همتك عليه من اجل احمد وكل احمد , وكل الأسماء بين الرحلة والرحلة , ورحلاتك امتدت بين الجبل والبحر, بين الجبل والجبل, بين الشجرة والشجرة, بين الإنسان والإنسان, فقط لتؤكد أن المساحة كلها تتمدد بين الشفق والغسق لممارسة عشق وطن يحاولون أن يذيبوه لكنه لن يذوب فروحك وأمثالك من كل النبلاء تظلل سماواته بين كل شروق وشروق , بين كل صحراء وتعاريج جبل تئن عليه أرواحنا التواقة للانعتاق من نير اللحظة التي يحاولون حبسنا بين رجليها , أعاهدك يا صديقي أننا سنظل أوفياء للنبل والبشارة التي رافقتك على طول المدى أن لا ننهزم , سنظل نغني للصبح , لعرقوص النساء , نتحسس الهرد في الوجوه السمحة ,لشجرة الحنقص حيث وضعنا ذات نهار سر استمرارنا , ….ويا فؤاد وأنت نائم على مخدة الحضور عهدا, ووعدا, والتزاما, أننا وكل الطيبين من صاحبتهم وواعدتهم وجلست إليهم في الأسواق والطرق وهناك بين العفيف, والمداحج, بين المداحج وبني يوسف , بين بني يوسف, وتعز, وإب وصنعاء , وشاطئ السلام حيث أودع الله النقاء صدر تهامة , عهدا باسم كل كائن كان لك به علاقة أو ارتباط أننا لن نخذلك …..فقط نم يا صاحبي …لن نوقظك , أدرك أن جسدك تعب , لكن روحك لا تزال تظلل سماواتنا المحمية بحضورك الذي لن يغيب طالما والأنفاس تتردد في صدورنا ……عليك سلام الله .