فرانسيس فوكويا ما يدخل التاريخ بعبارة مسروقة
د.عمر عثمان العمودي
– تذكر في الشهرة العالمية التي حصل عليها فوكويا ما عندما اصدر كتابه “نهاية التاريخ” في أوائل تسعينيات القرن العشرين بقصة ذلك الرجل الفرنسي الذي كان نائبا في الجمعية التشريعية الفرنسية قبيل قيام الثورة الفرنسية عام 1789م بأسابيع محدودة القصة تقول أن نائبا من نواب الجمعية التشريعية الفرنسية سمع نائبا آخر خلفه يقول لصاحبه هامسا: لن تبرح هذا المكان إلا على أسنة الرماح وكان الجدل محترما في تلك الجلسة بين النواب فما كان من ذلك إلا أن ينتصب واقفا وهو يقول صارفا للحاضرين لن ينجح هذا المكان إلا على أسنة الرماح وقد أذهل الحاضرين بها وسجلت له تاريخيا رغم لم يقلها أصلا وعبارة أو فكرة “نهاية التاريخ” التي جاءت كعنوان لكتاب فوكوياما ودارحولها الكتاب لم تكن من بنات أفكار فوكويا فقد تحدث قبله أكثر من منكر ومنكر في العصور القديمة والعصر الوسطي والعصر الحديث وربما كان أول من قال بهذه الفكرة هو المؤرخ الروماني اليوناني الأصل بوليب أو بوليبوس في القرن الثانية مقبل الميلاد فقد كان المؤرخ معجبا ومنبهرا بالنتروات الرومانية التي عاصرها فقد استطاع الرومان القدامي مد وتوسعة حدودهم السياسية من الجرز البريطانية إلى بحر قزوين بفضل قوتهم العسكرية ونضمهم الإدارية والتاريخية وحيوية وكفارة قياداتهم العسكرية وقد رأى بوليب في انتصارات الرومان وتفردهم بحكم قلب العالم القديم أن ذلك التطور والنجاح هو “نهاية كمال التاريخ” متوهما بقائهم سادة للعالم إلى أسر غير محدود وهذه الفكرة مثالية وغير واقعية لأن تطور المجمعات السياسية هو دائما في حالة صيرورة لا تتوقف وفي الغالب أنه كان يعبر عن تحيزه وتعصبه للرومان وفي كتاب فوكوياما الذي ظهر بعد انهيارا الاتحاد السوفيتي استعيرت هذه الفكرة وكانت من أهم أسباب شهرته التاريخية ومضمون الفكرة عند فوكوياما هو نظرته لانهيار الاتحاد السوفيتي ودول المنظومة الاشتراكية الملحقة به ذلك انهيار المدوي الذي فسره بنهاية هيستيريا الأيدلولوجيا وشعاراتها الجوفاء لمصلحة النموذج الليبرالي الديمقراطي في المياه والحكم وعليه وكما يرى هو فإن هذا النموذج هو نهاية تطور المجتمعات الإنسانية ولن يحل محله أي نموذج آخر في الحكم والحياة والسياسية وهذه الفكرة هي أيضا فكرة غير علمية وغير موضوعية وهي متحيزة ومتعصبة للضرب المادي الرأسمالي وديمقراطيته الليبرالية لماذا¿ لأن التطور لن يتوقف في مياه البشر ومجتمعاتهم السياسية فالأنظمة والأفكار ومعطيات الواقع وتطلعات الناس لا تدوم على مال من الأصول ومصادر القوة تتبدل والأيام دول فيوم لك ويوم عليك ونهاية التاريخ الحقيقية هي نهاية الإنسان نفسه يوم الحشر والدينونة يوم القيامة.