لن يكافح الفساد إلا بيت من حجر!!

فتحي الشرماني


 - • الفساد عدو شرير, ومواجهته تحتاج إلى أناس أقوياء, وإلى هيئة مكافحة بيتها من حجر ذلك أن الفساد بالضرورة سيواجهها, وسيعمد إلى رجمها بالحجارة لإبعادها من

• الفساد عدو شرير, ومواجهته تحتاج إلى أناس أقوياء, وإلى هيئة مكافحة بيتها من حجر ذلك أن الفساد بالضرورة سيواجهها, وسيعمد إلى رجمها بالحجارة لإبعادها من طريقه, وحينئذ لا ينفع أن يكون لهيئة مكافحة الفساد بيت من زجاج لأنها في هذه الحالة ستتعرض هي للمكافحة!!
طبعا, أنا لا أقصد بيتا حقيقيا ولا حجارة حقيقية, وإنما أقصد الاستعداد الضروري الذي ينبغي أن تكون عليه هيئة مكافحة الفساد, ومتطلبات إنجاح العمل في مكافحة آفة الفساد التي تنخر مؤسساتنا الحكومية, فحين تكون نفقات هيئة المكافحة ومصروفاتها أمرا مبالغا فيه, وحين تكون الهيئة مشغولة بالامتيازات المالية ومظاهر الترفيه فإنها تصاب بالعمى أو العشى الليلي الذي يحجب عنها رؤية مظاهر الفساد في أجهزة الدولة لأن ما يجري صرفه عبثا وما يأخذه المسؤولون بدون وجه حق, يصبح في ثقافة هيئة المكافحة أمرا واقعا وشيئا لا سبيل لرده, ثم تتوسع حلقة المباحات حتى تصبح كثير من مظاهر الفساد بحكم الجائز, وفي هذه الحالة يصدق على الهيئة وصفها بأنها بيت من زجاج لأنها في هذه الحالة إذا أرادت أن تقذف بيت الفساد بحجر فستتذكر أن بيتها من زجاج, وبالتالي تترك الفساد وشأنه.
هذا الكلام لا يعني أنني أطلق تهم الفساد جزافا على هيئة المكافحة, ولكن أقول: لا بد من أن تنتبه الهيئة لهذا الجانب, فالمبالغة في المصروفات غير مقبول منها لأنها ينبغي أن تكون قدوة, والذي دعاني إلى قول ذلك تقرير صحفي قرأته قبل بضعة أيام على شبكة الإنترنت, يتحدث عن الفساد في هيئة مكافحة الفساد, وبالتأكيد ليس كل ما يقال صحيحا, حتى أن معد التقرير نفسه لم يسلم بصحة كل المعلومات التي حصل عليها من أحدهم, بل تمنى ألا تكون صحيحة, وبغض النظر عن ذلك, فالمهم هو ضرورة أن تتملك الهيئة القدرة على الجهر بالحق في وجه مظاهر الفساد والعبث في أجهزة الدولة, وهذا يقتضي أن تظل بعيدة عن الصرف المبالغ فيه, كأن تستبدل سيارات الأعضاء الحديثة بسيارات أحدث وبمبالغ باهظة – كما يقول التقرير – واعتماد بدلات لا يمكن تصنيفها إلا في خانة (صرف غير مستحق).
لا ينبغي أن يتناسى مسؤولونا دائما أننا شعب فقير يعيش على القروض والمنح .. والمواطن يعاني أشد المعاناة في توفير لقمة العيش وقيمة العلاج و(وايتات) الماء وفواتير الكهرباء, في حين تكون النخب لا سيما من أوكلت إليهم مهمة مكافحة الفساد أكثر حرصا على الابتعاد عن هموم الناس بمظاهر الترفيه والبذخ الذي يغرق فيه المسؤولون ومثلهم في ذلك مسؤولو هيئة مكافحة الفساد¿!.
لذلك أقول لهيئة مكافحة الفساد – ولا شيء يمنعني من أن أحسن فيها الظن – من الضروري أن يجري تدشين التقشف الحكومي بداية من هيئة مكافحة الفساد, إذ لا بد لهذه الهيئة من صناعة القدوة.
لا بد من أن يكون بيت هذه الهيئة من حجر, بحيث إذا رماه الفساد بالحجارة لن يتأثر ويظل صامدا في وجهه حتى اجتثاثه, فهل أدركنا ذلك¿!

قد يعجبك ايضا