يسقط إعلام الكذب!!
عبدالحليم سيف
* “الكذب عظمة ترميها للآخرين لكنها تسد حلقك ” هذا ما تقوله الحكمة الشعبية بصدق وصراحة .. وهي تنطبق تماما على ما ينقله الصحافيون والإعلاميون عن السياسيين ودوائر الاستخبارات وصناع القرار ومطابخ الأخبار ومراكز الدمار من تصريحات وبيانات وتسريبات وإشاعات (والصحيح الشائعات) لتغدوا طوفانا من الأنباء العائمة على وسائل الإعلام.
وكثيرة هي أساليب الدعاية والتضليل والتوجيه واغتيال الحقائق التي تتبعها دول وأصحاب المصالح السياسية ورجال المال والأعمال والاقتصاد وشركات صناعة الأسلحة وما فيا المخدرات والمنظمات الجهادية والتيارات الفكرية وتجار الحروب ومشعلو الفتن والأزمات فهذه التحالفات غير المحترمة | تنتهج سياسة إغراق وسائل الإعلام من صحف وقنوات فضائية وإذاعية ومواقع اليكترونية ووكالات أنباء وفيسبوك وتويتر بـــــ “تسونامي ” الأنباء والتقارير والتحليلات وبرامج الفيديو والمواد المصورة بهدف أقناع القارئ والمشاهد والمستمع بأفكارها المضللة والمعلومات الكاذبة لتحقيق أجندات سياسية ومشاريع خبيثة !!
وهكذا لا عجب ولا دهشة أن يبتكر المتلاعبون بعقول البشر و خبراء التزييف عشرات الأساليب الخادعة منها على سبيل المثل لا الحصر : التضليل التلفيق التزييف التشويه الاختلاق التكرار التلوين التضخيم التهويل الفبركة التشكيك التحريف أسلوب المنطق المغالط الخلط بين الخبر والرأي وغيرها من أساليب الدعاية المجافية لجوهر وأسس الإعلام الصادق – الموضوعي علاوة على الانتهاك الصارخ لأخلاقيات المهنة المعروفة اليوم للقارئ والمتلقي البسيط فما بالك بالدارس للصحافة والإعلام وليس هنا مجال لتفصيل ذلك في هذه المقالة لكن لا بأس من التذكير بأخطرها وأعني بها ” آفة الكذب ” التي تزكم الأنوف وتسمم الأجواء ” للتأثير الاستراتيجي ” على الرأي العام بهدف أخفاء الحقائق عنه وجعله يعيش في دوامة التجهيل ولا يعرف ما يخطط له من مكائد ما تزال تتناسل .
فلا تكاد تطالع الصحف اليومية كل صباح مثلا أو تتصفح المواقع الإليكترونية في أية لحظة أو كأن تتابع نشرات المساء وشريط العناوين الزاحفة على شاشات الفضائيات إلا وتجد فيها ما فيها من أنباء عن حرب هنا وسيارة مفخخة تجوب مدينة ما وخلية قاعدية تحتل محافظة ومليشيات تحكم السيطرة على أبواب هذه العاصمة وعصابة مسلحة تشل الحياة في تلك المدينة واندلاع اشتباكات عنيفة ودامية بين شخصين في سوق قات ووفاة فنان مشهور والرئيس يقيل وزير ما من منصبه وهروب مسئول من العيار الثقيل إلى الخارج متهم بجريمة قتل أو هباب ..إلى تصريح منقول عن رئيس لجنة واسطة يحمل جماعة مسؤولية تنصلها من اتفاق الهدنة ..والحكومة تفتعل أزمة الديزال والبترول تمهيدا لفرض جرعة جديدة ..وانفجار ضخم يهز العاصمة..وهات من أكاذيب بالطن لا بالكيلو…!!
وما تكاد تنهي الخبر اذا بآخر وثالث وعاشر ينفي ويكذب صحة ما تناقلته بعض الوسائل الإعلامية إلى حد غم الأمر على البعض ولم يعد يفرق بين ما هو صحيح ومصدوق مما هو مختلق ومكذوب بيد أن الشواهد الدالة تؤكد أن معظم ما ينشر من أنباء بعضها مشوهة وأخرى مبالغ فيها.. وللاستدلال .. تكفي إشارة سريعة للأخبار المجهلة للمصادر ..وما أغزرها في الصحف والمواقع هذه الأيام (¿!).
وهؤلاء الذين لا يبحثون عن الحقيقة وكشفها بقدر ما يروجون للكذب ويحولون الإشاعات إلى أخبار ومن ثم تقديمها كما لو أنها صحيحة وهي غير كذلك طبعا ليس مهما عندهم ضمير الإنسان ولا شرفه ..فلا يحترمون عقل القارئ .. ولا يفكرون بمصلحة الوطن ولا منظومة القيم التي تحكم أداءه المهم عندهم المتاجرة بأنفسهم بأرخص الأثمان ومثل هذا النموذج سريع السقوط والنسيان وخاصة في الصحافة وفضائية الطرش والغثيان ولا يسع المرء إلا أن يردد ما قاله فيهم و فيها_ يوما_ شاعر النيل الأشهر(حافظ إبراهيم) عندما صدح بصوته :
” جرائد ما خط حرف فيها
لغير تفريق وتضليل
يحلو بها الكذب لأربابها
كأنه أول ابريل “.
أو ما قاله الشاعر (سيمون دي بو فوار) : يبدو للبعض أن الكذب يحتاج إلى صحف ومجلات فمتى كان الكذب يحتاج إلى نشر¿ حتى لو وجدوا المصدقون إذا كنا نسترخص ريقنا فنكذب في حديثنا. فان الكذب ارخص من أن نخسر عليه المداد والورق وتكاليف الطبع “.
وأخلص إلى القول :أن الوقت قد حان لعودة الصحافيين والإعلاميين إلى أمانة ومسئولية الهدف من الكلمة المسموعة لأن الق