الحل العربي

عبد الحليم سيف

 - أظن أن الكثير منا تابع عبر الفضائيات المختلفة  وقائع جلسات القمة العربية المنعقدة في الكويت يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين .
وأ

أظن أن الكثير منا تابع عبر الفضائيات المختلفة وقائع جلسات القمة العربية المنعقدة في الكويت يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين .
وأظن أيضا أن بعضنا لاحظ أن كل رؤساء الدول والحكومات والوفود إلى القمة كانوا في هذا الحفل الفخم على غير العادة ..لا في حركاتهم وهمساتهم بل بصمتهم البليغ وهم ينصتون إلى ما يقوله كل خطيب منهم وملامح الحزن بادية على الوجوه تنم عن آهة ألم عميقة لم تستطع حتى أن تخفي الإحساس بالخوف أمام كاميرات التلفزة من راهن الوطن العربي “المريض” الذي تركه لهم غيرهم من الحكام جسدا ينهشه القتلى … !!
نعم ..بكل الحزن والأسى وربما الشعور بجسامة المسؤولية من المجهول الأعظم تجاوز المتحدثون جدار الدبلوماسية إلى المصارحة بما آل إليه الواقع فقد بدا الوطن كل الوطن العربي الكبير من أقصى شرقه في بلد الرافدين إلى آخر نقطة في غربه الأطلسي يتمزق أو في طريقه إلى التفتت..بل إن كل عواصم العرب بما فيها مدن الثراء ترتج بفعل قنابل الفتن الطائفية والصراعات السياسية !!
واللافت لغير متابع أن قمة الكويت في جلساتها العامة اقتربت من الملفات الساخنة والمعقدة والأزمات المستعصية.. وفي القلب منها : حرب سورية الدموية ومأساة فلسطين المزمنة وما يسمى بالإرهاب والعنف الجسدي واللفظي والحروب المذهبية والقبلية والعصبية مرورا بالخلافات البينية وصولا إلى التضامن المفقود.
ولهذا وذاك امتلأت أجواء القمة والسموات المفتوحة بالدعوات الملحة المطالبة بسرعة طي صفحات الخلافات الثنائية والجماعية والتوجه الفوري نحو المصالحة الشاملة لتحقيق الوفاق القومي والوطني والأهم من هذا بروز إشارات صريحة تشدد على ضرورة قطع الصلة بالتدخلات الخارجية في شؤون أية دولة عربية ووقف ضخ الأموال لفصائل وتيارات هدفها تخريب الأوطان وإثارة الأحقاد وتقسيم العرب بين مسلم ومسيحي ..شيعي وسني ..رافضي وناصبي ..تكفيري وجهادي .
ومن الغريب في هذا المقام أن أقطاب القمة حددوا أولويات القضايا وجذورها ونقلوا الحلول لها إلى التالي من المؤتمرات بكلام آخر أن البيان الختامي للقمة ترك قطار الحل العربي يراوح في محطته القديمة نهبا لرمال الصحراء المتحركة أو انه على اقل تقدير لم يتحرك بالوتيرة المطلوبة لأن القاطرة القومية ما تزال عاجزة عن الإقلاع به في حين أن المشكلات تعقدت واختمرت ومشاريع تقسيم المنطقة إلى ” كانتونات” صغيرة جهزت وأنانية بعض الحكام ما تزال في موقع الرافض للاعتراف بواقع يحاصرها قبل غيرها ويصر على البقاء ولو على جثث شعبه !!
ولست في حاجة هنا للتذكير بأن دفع قطار المصالحة وإنهاء الانقسام والخلاف والتوافق القومي لحل كافة القضايا المعقدة وعلى رأسها “المحنة السورية ” بما تلبي تطلعات شعب شقيق يتطلب الكف عن الاعتقاد أن في مقدور دولة لوحدها مهما بلغت قوتها وإمكاناتها وثروتها أن تتصدى لكافة القضايا العربية .. أو بفرض رؤيتها على غيرها من اجل الحصول على مكاسب ذاتية.
وإذا كان مؤتمر القمة العربي العادي الـ25 في الكويت مثل أهمية بالغة في مثل هذه الظروف القاسية فهو يستدعي الخروج من الانقسام والتخلي عن سياسة التنافس المحموم على المستويين الإقليمي والدولي والصراع المذهبي ومحاولة سيطرة طرف على آخر كما يستدعي إحلال سياسة التفاهم والوئام والحوار والمشاركة في صنع القرار محل سياسة التبعية والهيمنة والنفوذ وفرض الأمر الواقع .
في ختام هذه السطور السريعة أعود إلى ما قاله الأخ الرئيس عبدربه منصور هادي في قمة الكويت .. أن الوحدة والقوة هما مصدران للنهوض الداخلي والتوحد القومي والطريق الأمثل لإحياء التضامن العربي من اجل المستقبل والأمن والتقدم والسلام .
Ahalim_227@yahoo.com

قد يعجبك ايضا