متى تكون عدوا لأمريكا¿!
خالد القارني
في كل مراحل تطور الخطاب السياسي.. الإعلامي.. الثقافي.. للأمة تكرر نصوص “العداوة” للولايات المتحدة الأميركية وفلكها الغربي بمختلف الأشكال اللغوية .. نسمعها صباحا كخاطرة من فم هذا المذيع أو ذاك نقرأها في أسفارنا كأنشودة حماسية ننام على أنغامها كسيمفونية بيتهوفن. نكررها على منابرنا وفي مساجدنا كل هذه بمفهومنا الشرقي يمكن أن يدفع أمريكا لضربنا بالنووي لإزالتنا من البسيطة. لكنهم لم يفعلوا ذلك وغالبا واجهوا ذلك بالابتسامة العريضة” الساخرة” ولا يكشرون أنيابهم ألا عندما تستدعي الضرورة ذلك. فماذا تعني هذه السياسة¿!.
في العرف السياسي “تحدد اتجاه السياسة الداخلية والخارجية لأية دولة بناء على ثقافتها السائدة ونظامها الفلسفي” ومن المعروف أن ثقافة وفلسفة النظام الأمريكي لا تسمح أن يحدد أعداؤها من خلال خطاب هجومي عليها أو بروبجندا إعلامية أو شعارات حزبية فارغة.. إنما يحدد أعداءها “الاستراتيجيات الخاصة بالأمن القومي الأمريكي” والتي منذ صدورها وحتى اليوم تركز على ثلاثة أهداف عليا هي تحقيق الأمن والرخاء والمكانة الدولية المتميزة للولايات المتحدة. والاهم من تلك الأهداف أن الاستراتيجية حددت المصالح والتحديات أو التهديدات التي تمس الأمن القومي الأمريكي.
إن مفهوم الأمن القومي الأمريكي المتميز بأنه عابر للحدود عن امن ما سواه من البلدان فرض عليه أعداء حددهم بصفاتهم وأسمائهم.. الصفات شملت كل من: ” يمارسون العنف المتعمد “العابر للحدود أيضا” المدفوع سياسيا والمرتكب بحق الأمن القومي الأمريكي كل من يرفض عمليا “القيم الإنسانية” الأساسية وتبغض فعليا الولايات المتحدة وكل ما تمثله كل من لا يظهر أي اعتبار “للقانون الدولي” ويهدد جيرانها وينتهك بصلافة المعاهدات الدولية ويصمم على حيازة أسلحة الدمار الشامل مع التكنولوجيا العسكرية”. (وما بين علامات التنصيص تقع أميركا في المتناقضات اللامتناهية).
أما أسماء أعداء الأمن القومي الأميركي اليوم فهم في تزايد مستمر ولكن حصرهم حسب مضمون الاستراتيجية في مصدر ثالوثي (الدول الفاشلة الدول المارقة المنظمات الإرهابية). الدولة الضعيفة” الفاشلة” – مثل أفغانستان واليمن والصومال…إلخ – يأتي خطرها على الأمن القومي من كون الفقر والفساد والمؤسسات الضعيفة تسمح بقيام شبكات إرهابية.. القاعدة العدو الأول: مازال يمثل الهاجس الذي يؤرق كل من يسكن البيت الأبيض رغم وفاة زعيم تنظيم القاعدة الشيخ أسامة.. حماس عدو إسرائيل: واحدة من المنظمات الراعية للإرهاب وليست حركة مقاومة إسلامية هدفها الأول هو تحرير فلسطين من الاحتلال الإسرائيلي هكذا صنفت.. حزب الله لتهديداته المستمرة لإسرائيل وليس لأنهم يبغضون أميركا.
والدول المارقة(كوريا الشمالية.. خارجة عن القانون بامتلاكها لأسلحة الدمار الشامل ومحاولتها ابتزاز المجتمع الدولي. إيران.. محاولتها امتلاك برنامجا نوويا عسكريا يهدد أمن منطقة الشرق الأوسط وتهديد الوجود الإسرائيلي وجموحها في زيادة نفوذها في المنطقة).
وقائمة أعداء أمريكا تزداد يوما بعد آخر لدرجة وكما أسلفنا أنها لم تعد قاصرة على دول وإنما ضمت تنظيمات وجماعات صنفتها واشنطن بالإرهابية فضلا عن شخصيات مثل جوليان آسانج مؤسس موقع ويكيليكس الذي سرب الملايين من الوثائق الأمريكية السرية.
وبما أن الدول الفاشلة والمارقة والإرهابيين لن يستخدموا الوسائل التقليدية وإنما سيقومون بعمليات إرهابية فمن وجهة نظر الولايات المتحدة أن من حقها حماية شعبها من خلال مبدأ “الضربة الوقائية” – في حالات معينة- دفاعا عن النفس ضد خطر وشيك الحدوث.
إذن ما يظنه البعض أن أعداء أمريكا هم أولئك الذين يرفعون أصواتهم “بالشعارات المعادية” لأمريكا مثل وصفها بالدولة الامبريالية وما إلى ذلك هو على الواقع العملي من المغالطات الساذجة والضحك على الذقون لأن أعداءها هم من يقوضون “فعليا” وليس نظريا محاولات واشنطن هيمنتها على الساحة الدولية من خلال السيطرة الاقتصادية والسيطرة السياسية والقوة العسكرية. أيضا يهددون ضمان أمن وتفوق إسرائيل وتحقيق أمن الطاقة سواء فيما يتعلق بتأمين واستخراج وتدفق البترول وتأمين انتقاله إلى المستهلكين.
وتتجلى دقة وصف الأعداء لأمريكا في وصف ديفيد كوهين(خبير في مكافحة الإرهاب) “نحن نقولها مرارا لكنها تستحق التكرار: مصالح أمننا القومي تتعزز على أفضل وجه عندما يعمل معا تحالف واسع النطاق من الدول لمحاربة أولئك الذين يشاركون في أنشطة إرهابية”. ولنا في قصة شافيز صورة