روايتنا…!!¿
المقالح عبدالكريم
-1-
ما كاد يضع أمام أحد أصدقائه – شاعر مبدع وناقد مخضرم – نسخة مطبوعة من آخر ما كتبه – جزء أول من ثلاثية روائية – حتى نهض صديقه خلف طاولة مكتبه.. يعانقه مهنئا مباركا في صخب كله ابتهاج لا يحد.. وعلى نحو مفاجئ جعل مستقبöل التهاني يحادث قلبه: (ما أتمناه حقا أن تكون هذه الفرحة على ضخامتها المذهلة.. بعضا من فرصته الكبرى حين تصدر روايتي في كتاب).
-2-
ممتنا لحرارة التهنئة..
انتحى ركنه.. عينه على صديقه الذي شرع من فوره باستطلاع الجو من خلال تقليبه الصفحات الأول من الرواية.
فعلا الجواب يبان من عنوانه .. بين صفحة وأخرى كان يطرح شيئا كتساؤل.. والمتلهف لسماع نقد جدي يجيب بردود مقتضبات.. ولما أزاح النسخة المغلفة حلزونيا إلى أقصى يسار طاولة مكتبه.. كف المتحفز للرد عن تعليق نظراته عليه.
-3-
لحظات وعاد مجددا..
الشوط الثاني هذا أفتتح بتسديدة عشوائية – لكن اقتربت من الهدف – أوصلت الكر والفر لمنعطف جديد.. مثير.. والأهم: محير..!
سؤال صغير.. سؤال ليس غير: (روايتنا اليمنية.. أين هي..¿!).
-4-
مجرد سؤال منطقي.. مشروع.. طبيعي..!
ومن فورها تقافزت في مخيلة صاحبنا عشرات.. لا بل مئات الإجابات التي توهته في زحامها.. بهت تماما كمعلم فجع برد فعل تلامذته على سؤال سطره على اللوح.. (أنا أنا أنا) ترفرف من أرجاء الصف.. والأصابع محلقة كلها بلا استثناء.. لا بأس من تختار وكيف..¿!
-5-
(روايتنا اليمنية.. أين هي¿)..
ضآلة السؤال تستدعي جغرافيا لا نهائية المدى للرد عليه.. تماما كأسئلة الأطفال.. على حين غرة تلقي بك من حالق.. سهلة ساذجة بسيطة.. أقرب إجابة هي الإجابة الصحيحة من بين ألف إجابة.. ورطة مثالية.. مأزق نادر.. حالة طارئة.. ولا تجد مبدئيا سوى تعلية ابتسامة واثقة تتركها للحظة تتماوج على شفتيك عل المتسائل يقنع بها.. أو عله يدرك مدى جسامة الموقف وهوúلöه.. ربما..!¿
-6-
وهكذا ما كاد صاحبنا يبذر ابتسامته الهدوء على شفتيه..
حتى عاجله صديقه بمدرار دفاق من أسئلة بدت كأن لا انتهاء لعرمرم طوفانها.
واقعنا.. هل واقعنا أفقر من استلهامه..¿! أم أنه أكبر من استيعابه..¿!
……
– لماذا لم يظهر عندنا روائي كنجيب محفوظ..¿!
…..
لماذا لا نقرأ روايتنا بعيون الآخر في صحفهم.. في مجلاتهم.. في كتبهم النقدية..¿!
…..
– روايتنا.. لماذا ما زالت منذ أول رواية عام 1939م تحبو وتتعثر متأتأة التبرعم.. ورواية الآخر منطلقة لا يحدها فضاء…¿!
– …..
– كيف نجعل من روايتنا…..
– …..
– متى يمكننا القول أن…..
– …..
– لماذا حتى الآن…
– …..
– هل نحن فعلا لا نقدر على…..
– …..
– أين بالإمكان إيجاد….
– …..
– ما هو السبيل الأمثل….
– …..
– مالك.. هل أنت معي يا صديقي..¿!
– …..
-7-
صديقه كان معه قلبا وقالبا..!
حقا إنها تساؤلات مشروعة.. إجاباتها فيها..
لكنها رغم ذلك.. وربما رغم ذلك كله.. تستحق وقفة.. تستدعي التفاتا..
إنها الرواية..
إنه سحر الرواية..!