هل نستمر في قراءة الصحف الصفراء¿!
عبدالله علي النويرة
في نهاية كل أسبوع أحرص على المرور على إحدى المكتبات وأخذ منها ما تم رفعه من صحف معينة وأقوم يتصفح عناوين الصحف الأخرى وأحيانا كثيرة تجذبني عناوين رنانة وجذابة تدفعني إلى شراء بعض تلك الصحف الصفراء في مبناها ومعناها وعندما أقرأها أشعر بالانقباض شيئا فشيئا ولا أكاد انتهي من قراءة هذه الصحف حتى أجد أن هموم الدنيا كلها قد استولت على جوارحي وكأنني أعيش في الجحيم ولست على أرض الله الواسعة.
إن القارئ لبعض الصحف يصاب ولاشك بالاكتئاب والقلق وهذا ما لم يتطرق إليه المذيع في نزهة الجمعة التي كانت تناقش أسباب القلق المسيطر على حياتنا وعلى زيادة المداخلات وحديث المختصين إلا أنني لم أجد واحدا منهم يذكر صحف الإثارة بأنها من عوامل جذب القلق والاكتئاب للناس لك إنها تجمع بين دفتيها كل الأخبار السيئة وتجعل من (الحبة قبة) ولا يكاد القارئ ينتهي من قراءة إحداها حتى يشعر بأن القيامة تكاد أن تقوم وأن كل ما حولنا فاسد فاسد وأن علينا أن نترك هذا الكوكب ونهاجر إلى آخر المجرة الشمسية.
إن هذا ليس رأيي فقط فقد قال لي أحد أقاربي عندما شاهدني اشتري هذا النوع من الصحف لماذا تجلب النكد على نفسك بفلوسك ولماذا تشتري هذه الصحف التي يلبس أصحابها نظارات ليست سوداء فقط بل هي من الحديد الذي لا يصدر منه الضوء وكل ما يكتب فيها عبارة عن (سب) و(شتم) و(ردح) وتباك على الأطلال غير الموجودة.
لماذا تشتريها وتجعل أصحابها يصدقون أنفسهم بأن صحفهم مقروءة وأنهم بذلك مؤثرون في المجتمع.
إن الصحيفة التي لا تشاهد إلا الوجه المظلم فيما حولنا لا تستحق أن تقرأ فليس هناك عملة ذات وجه واحد إلا ومن الإنصاف أن يكون هناك حديث عن إيجابيات ما يحصل كما يحلو لنا الحديث عن السلبيات أما أن نبحث فقط عن كل ماهو سلبي ونتغاضى عن كل شيء جيد وجميل فهذا نوع من أنواع المزايدة الممقوتة.
إن فتح المجال لكل من هب ودب لإصدار مثل هذه الصحف جعلها كالدكاكين التي تتنافس في بيع السلع المغشوشة والفاسدة وفتح هذا المجال جلب لنا جرعة جديدة من دواعي القلق والاكتئاب فمن سوف يعيد إلينا التوازن.
إن الصحافة أمانة وقد دخل عليها الكثير من الدخلاء الذين حولوها من رسالة سامية إلى وسيلة من وسائل الربح والاسترزاق ولو على حساب الوطن والمواطن والقادم من الخارج الذي تجذبه لقراءتها قد يصدق أن كل ما حوله أسود في أسود وسوف يصل إلى درجة أنه قد يكذب عينه التي يشاهد بها كل شيء جميل ويعتقد أن ما يشاهده ليس سوى في المنام وأن الأمور كلها خراب في خراب.
إنني أتساءل أليس هناك ميثاق شرف يلتزم به الجميع¿
أليس هناك ثوابت وطنية يفترض عدم تجاوزها¿
أليس هناك ضمير (يفرمل) هذه الفئة من الناس¿
أليس هناك دين وضمير وتربية تردع هؤلاء عن تضخم الأمور وقلب الحقائق¿
مجرد أسئلة¿!!
هدانا الله إلى سواء السبيل.