القادة يعبرون بالأوطان (2-2)

جمال عبدالحميد عبدالمغني

 - 
أشرنا في التناولة الأولى إلى بعض صفات القادة بصورة عامة لكن الأهم من وجهة نظري المتواضعة أن يكون القائد قدوة لمن يقودهم حتى يضمن انصياع من يقودهم لكل توجيهاته سواء كانوا

أشرنا في التناولة الأولى إلى بعض صفات القادة بصورة عامة لكن الأهم من وجهة نظري المتواضعة أن يكون القائد قدوة لمن يقودهم حتى يضمن انصياع من يقودهم لكل توجيهاته سواء كانوا شعبا أو فئة محدودة يجب أن يكون صادقا حتى يكونوا صادقين ويجب أن يكون أمينا حتى يكونوا أمناء ويجب أن يكون عادلا حتى يخافوا من عقابه إن تجاوزوا القوانين التي تسير أمورهم.
والتاريخ لم يغفل ذكر القادة العظام وسجل سيرتهم العطرة بأحرف من نور ونقل أدق التفاصيل عن نبوغهم وتفردهم في قيادة شعوبهم إلى بر الأمان واجتيازهم لأصعب المحن والمصائب التي حلت بأوطانهم وكيف كانت خططهم العبقرية والمخلصة هي طوق النجاة لشعوبهم وأمنهم ولم نقرأ أو نسمع أن قائدا عظيما ترك ثروة طائلة من المال والعقارات والمجوهرات حصل عليها في فترة حكمة لشعبه أو قيادته له حيث أن الثروة والمجد لا يجتمعان لحاكم أو قائد فإما أن يقود القائد شعبه إلى بر الأمان وطريق النجاة بإخلاص وتفان متخليا عن المال الزائل والمدنس ويكتفي بحقوقه المشروعة ولذلك سيحقق النجاح والمجد ويضاف إلى قائمة القادة العظماء في سفر التاريخ الطويل والمجيد.
أو أن يحرص على كسب المال الحرام من حقوق شعبه وممتلكاتهم ويعمل على تكوين ثروة طائلة ستزول حتما وقد تكون وبالا عليه أو سببا لحتفه وربما أهانته وسببا لالحاق العار بسلالته إلى ما شاء الله وعندما يسير في هذا الاتجاه سيكون مصيره الفشل وسيكون أعجز من أن يحاكم فاسد أو يسجن سارق أو مختلس لأنه يخشى أو يخاف أن يقول له ذلك الفاسد وماذا تعمل أنت يا مولانا خصوصا إذا كان يعرف بعض الخفايا عن أعماله المدنسة.
وسترون عندما ما نتذكر القادة العظماء أن أعمالهم الفذة هي التي خلدها التاريخ وليست ثرواتهم لأنهم ببساطة رحلوا بدون ثروات لكن بمجد خالد فعمر بن الخطاب رضي الله عنه أرسى العدل ووصلت فتوحاته إلى أصقاع الأرض وأحضر عمرو ابن العاص وابنه من مصر إلى المدينة ليقتص منه للفلاح المصري وكان يمتلك ثوبا يلبس أحدهما ويغسل الآخر. وعمر ابن عبدالعزيز كان يطفئ شمعة بيت مال المسلمين عندما يكمل جلسة محاسبة الولاء في بيته ويستبدلها بشمعته الخاصة وفي عهده اكتضت خزائن المسلمين بالأموال حتى انعدم الفقراء نهائيا وصلاح الدين حرر القدس وضرب أروع الأمثلة بالقيادة والإخلاص ومات فقيرا والملك المظفر قطز واجه التتار وقضى على أسطورتهم بعد أن أو شكوا على ابتلاع الأمة الإسلامية والعربية وكانت بداية خطته للنصر جمع الأموال من خزائن التجار والقادة الفاسدين لتجهيز الجيش وبدأ بنفسه وحتى بمجوهرات زوجته وعبدالناصر مات ورصيده (70 جنيه) وعلي عبدالمغني استشهد دون أن يمتلك حتى منزلا وإبراهيم الحمدي مات ولم يخلف لأولاه منزلا متواضعا والأمر ينطبق على عبدالفتاح إسماعيل وسالم ربيع علي والقائمة تطول.

قد يعجبك ايضا