مجرد تدشين..!
حسين محمد ناصر
يتعامل البعض من المسؤولين للأسف الشديد مع حدث كبير بمستوى الحوار الوطني بسطحية شديدة وروتين مطنب بالتخلف وتعسف لأهمية الحدث ونتائجه.
وإذا كان هذا التعامل يتم مع هذا الحدث ومن مسؤولين بهكذا طريقة فلا نعلم كيف سيكون التعامل مع مخرجاته غدا¿!
لقد سارع البعض في إقامة احتفائية اسماها تدشين إقامة الأقاليم وكأن الأقاليم ووجودها على الواقع عملية آنية لا تستغرق سوى بضعة أيام وأسابيع!! ونسي هذا البعض العزيز أن الأقاليم مرتبطة بلجان ودستور وخطط وبرامج ودراسات وقوانين وقرارات وإجراءات ليست ببساطة إقامة حفل روتيني لم يقدم سوى خطابات وحضور شابته أحداث مختلفة أتت كنتيجة للتسرع الملفت للنظر بذلك التدشين الخالي من أية رؤى مستقبلية ولا خطط وفعاليات ترتقي إلى مستوى معاني وأهمية الأقاليم.
جاءت الفعالية باهتة بعيدة عن الإعداد المسبق الدقيق الشامل وفوقية الحضور لم تقترب من الناس البسطاء الذين يهمهم معرفة ماهية تلك الأقاليم وماذا تعني على صعيد حياتهم المعيشية والواقع المعاش الذي يعانون كثيرا من مشكلاته وهمومه وكأن كل ما يهم من قام بها على عجل هو تسجيل سبق والظهور بمظهر الحريص والعالم بأبعاد الأقلمة أكثر من غيره من ذوي التخصص والسياسية والأحزاب وكحاجز موقع في هذا الإقليم أو ذاك.
لقد كان من المستحسن أن تشكل لجان تحضيرية من المحافظات المكونة لهذا الإقليم أو ذاك من كافة الأحزاب والشخصيات العامة المؤثرة والفاعلة في المجتمع وتعقد أكثر من اجتماع وفي أكثر من محافظة تضع في نقاشاته رؤية وخطة شاملة لفعاليات متنوعة يبدأ تنفيذها من المراكز ثم المديريات وتتوج بحفل خطابي مهيب في عواصم المحافظات ولأن الفترة المتوقعة لتشكيل الأقاليم ليست محددة وليست قريبة أيضا فإن تلك الخطط الخاصة بالفعاليات التحضيرية لا تكمن فقط بحفل سريع واعتيادي وكفى ولكنها خطط تشمل فعاليات سياسية وثقافية وفنية ورياضية واجتماعية مختلفة مدى تنفيذها يمتد لسنوات أليست احتفالات تدشين للأقاليم المنتظرة لسنوات قادمة¿!
وأن نظرة جديدة للتعامل مع المناسبات والأحداث باتت مسألة مطلوبة تطوي بوجودها تلك الأساليب والوسائل القديمة التي تعود عليها الناس واتخموا بمضامينها عديمة المحتوى والتأثير والنفقات المالية غير المبررة وانتهازية تسجيل المواقف بفعاليات يشوبها القصور والمفاهيم الهشة التي لا تقوى على الصمود في أول اختبار لها كما أثبتت الأيام.
وأن نقل فعاليات الاجتماعات المغلقة إلى الشارع وأماكن الحياة الاجتماعية هو الأسلوب الناجح في إيصال الرسائل السياسية والفكرية إلى الناس/الجماهير وهو الإثبات الحقيقي لمدى تواجد هذه الجهة أو تلك ودون ذلك يصبح عملا رسميا موجها لفئة قليلة العدد والتأثير لا يسمن ولا يغني يرتد سلبا على صاحبه.
والمطلوب اليوم هو أن يجرب هذا الحزب أو ذاك وهذه الوزارة أو تلك الجامعة العمل بين أوساط الناس وتجمعاتهم فهم أساس نجاح أية مشاريع وبرامج ورؤى سياسية نعم لنجرب ذلك وليس عيبا أن نحاول غرس بدايات لهذا الأسلوب الجديد ولو في حدودها الدنيا شريطة أن تكون خارج الدوائر الرسمية فالرهان اليوم أضحى كبيرا ومهمة السياسي الناجح أن يكسب أكبر قدر من المناصرين والمؤيدين لسياساته وبرامجه ولن يتأتى ذلك بالتأكيد من خلال الفعاليات الرسمية المغلقة والغارقة في التخلف أو قل التي لم تعد صالحة للاستخدام اليوم.