الأخبار باردة جدا
محمد المساح
محمد المساح –
صاحبي أغلق المذياع ونامت أصابع يده.. على جنبه .. ولم تعد الأصابع ترتعش قلقا.
أسائله.. مالك¿
وينظر نحوي صامتا.. بعينين ذاهلتين.. وكأنه يراني ولا يراني.
في الصمت الكائن.. فيما بيننا.. والذي أتخذ من الفضاء الضيق والسكون.
وفي تلك اللحظة المتوقفة في الزمن فوهات .. حفر.. ليس لا قرار.
تحركت عضلات وجهه.. وأنا بدوري.. مستبشر.. بأنه سيجيب.. ويربش الصمت.. وستضج الكلمات وتهدر وتسيل في فمه.. لكن ما توقعته منه لم يحدث .. سكن الوجه تعبير صامت وكأني به يقول.. وما جدوى الكلام..¿
لا أحد.. يجبر نفسه.. ولا الآخرون أيضا يصومون عن الكلام.
إنها الحياة تخلق وسائلها تلقائيا وعفويا .. الضرورة وما تتطلبه من مواجهات وصراع.
إنها الأخبار .. يقول صاحبي .. تتزيأ بملابسها القديمة الجديدة.
الأخبار صارخة وعنيفة ومجلجلة في زمن الجنون وعصف الهدير.
هم صانعوها.. يعرفون كيف يطبخونها.. وحسب المذاق .. حارة لاهبه حينا.. باردة .. إلى حد البلادة.
هم صانعوها.. ويعرفون كيف.. يدورونها أيضا .. لأن النوعية مهمة جدا.. في زمن السوق.. وغزو العصر المدجج.. بالهدير والأزيز عامل مهم في البورصة والسندات والأسهم.
وكأن لا حروب .. ولا عنف .. الأمور كلها هادئة على الجهة الغريبة.. والآخرين جمع العالم وغالبيته هادئ الآن.. ولا خبر عنيفا ولا مثيرا .. إنها لحظة الاستراحة .. وأخذ الأنفاس .. حتى يخلى مضمار الركض والسباق.. من متبقيات المشاهدين ومن ثم ستعاود الضجة والضجيج.. إثارة الغبار والعواصف .. والموت والبكاء .. والدموع.