كلية الإعلام.. والمستثمرون في الحماقة..!!
عبدالله الصعفاني

مقالة
دفعني الفضول لأن أتصفح ميزانية الحكومة للعام 2014م وأقرأ ما فيها من أرقام.. ثم دفعني الفضول مرة أخرى لقراءة ملاحظات مجلس النواب على هذه الميزانية.. واستعنت بأصدقاء يفهمون في الاقتصاد وفي الإدارة والاستثمار وقراءة الأرقام والجدل بين الحكومات والبرلمانات فكان أن ظهرت الميزانية المقدمة من الحكومة وتوصيات “النواب” شديدة الشبه بمرافعة بائسة قدمها محام فاشل فضاعف العقوبة على موكل بريء ليس سوى الشعب اليمني.
الأرقام بالترليون لكن الميزانية والملاحظات عليها تؤكدان أننا لم نتعلم شيئا.. فالأخطاء هي الأخطاء والفساد هو ذاته.. والفارق هو في زيادة البهارات الحراقة وزيادة الإحساس بالوجع وخيبة الأمل من أسئلة بلا إجابة وأرقام تنتج الوهم.. وأولوية التنفيذ هي للصوت العالي والكعب الأعلى والفائز ممن تتعطل أحلامه فيتمنى فقط لو يظفر بتوصية برلمانية مثل توصية ضرورة أن تستبدل الحكومة أسطوانة الغاز التالفة بأسطوانات جديدة وفقا للمواصفات وكفاية ضحايا “تي إن تي” وضحايا القذائف والرصاص..
وكنت تابعت شيئا من مساعي كلية الإعلام بجامعة صنعاء للحصول على مجرد مبنى إنساني للطلبة والطالبات بعد أن كانت الكلية حصلت على توجيه من الرئيس هادي غير أن التوجيه وكل الضغوط المحترمة ذهبت أدراج الرياح فالوجيه صخر.. ومن يجرؤ على الكلام.
مجلس النواب أكد في إحدى توصياته وهو يبصم على الميزانية ضرورة توفير التمويل اللازم لمبنى كلية الإعلام كون المبنى القائم أصبح آيلا للسقوط وكذلك توفير مخصصات مالية للمواد المعملية التي طالبت بها جامعة صنعاء.
توصيات برلمانية تشير إلى ضرورات كثيرة تتكرر كل عام وتسقط من قاع اهتمامات الحكومة التي تنهي مرافعاتها تحت القبة البرلمانية اللزجة بالتزام يذكر بالقسم الشهير ما استطعت إلى ذلك ثم لا تكون الاستطاعة..!!
ومع التساؤل حول دلالة فرجة قوافل المتخرجين من كلية الإعلام على كليتهم وهي تتجه نحو السقوط ما يشير إلى عقوق ونكران يفرض التمني على وزير المالية أن يتفهم أن مبنى لكلية الإعلام صار ضرورة علمية وإنسانية والتفاتة .. مسؤولة إلى صرح علمي يفترض بمخرجاته أن لا تحبط استباقا وإنما يكونون صوتا للعقل والضمير.. فضلا ارفعوا هذا الألم الرابض في نفوس شباب وبنات يوجعهم بقاء هذه الكلية في هذا الحال المزري.
وعودا إلى الاستهلال فإن مجمل ملاحظات البرلمان على الميزانية المقدمة من الحكومة هي تكرار يؤكد رفضنا مغادرة ذات البركة الآسنة.. حيث لا يحتل التعليم والصحة والأمن أولوية وتتوارى مفردات الشفافية والنزاهة والمساءلة والشكوى من الوظائف الوهمية وعدم تطبيق نظام البصمة والصورة وعدم وضع الحد الأدنى والأعلى للأجور وتعثر المشاريع حتى بدت الحكومة مجرد حكومة معاشات لا تعيش… فضلا عن حقيقة أن عدم محاسبة لصوص النهار أفقد الناس الثقة في الحكومة والبرلمان والأحزاب والحوار.
وحيث والحكومة تسير على منهج بوذا الذي لا يسمع ولا يرى ولا يتكلم في الآمال بقدر ما ينتج الأوجاع ليس من سبيل غير إطلاق سيل من الاستفهاميات الشعبية لعلها تصل لكل من في أذانهم وقر عن استيعاب أن صيغة الوفاق هي صيغة لا غالب ولا مغلوب .. وصيغة تعاون وشراكة وليست صيغة لرعاية الفساد واستنساخ كل ما هو عابث ومحبط.
هل يعقل أن تتواصل الفرجة على صناديق خاصة وهي تتحول إلى مخصصات ونثريات خارج الأهداف التي أنشئت من أجلها كصندوق رعاية الشباب الذي لم يحصد الرياضيون في حضور ملياراته غير التردي والهزائم المذلة وهل من أبجديات التنمية أن تستثمر وحدات اقتصادية وصناديق في أذون الخزانة على حساب خلق فرص عمل للحد من البطالة والفقر وإلى متى يستمر حديث تهريب المشتقات النفطية والتهرب من الضرائب وفساد عقود شراء الطاقة وتمويل العجز من مصادر تضخمية¿¿
استمرت هذه الحكومة – وفقا لما يخطط – أو غادرت غير مأسوف عليها من حقنا كمواطنين أن نعرف المرافق الحكومية الفاسدة وكم تستنزف السفارات والملحقيات من الأموال ولماذا تختفي الضرائب التصاعدية وهل يصل الضمان الاجتماعي إلى المستحقين وما هو حجم الفساد في المشاريع المتعثرة ومن يحاسب وهل من الحكمة أو العقل في شيء أن يكون عندنا كل هذه المصانع من تعليب المياه وأن نستورد التمور من الامارات والتونة من تايلند ولماذا نهدر ثروتنا في البحر وكم عدد شجرات النخيل في اليمن¿¿
الأسئلة كثيرة ومن شأن استمرار رفض الإجابة عليها بقاؤنا عند ذات منعطف تصير فيه الحكومة والبرلمان والأحزاب مجرد كيانات تستثمر في الحماقة.