لوجه الله

د/غيلان الشرجبي


• اعتدت تشبيه الحقيقة ب( شكل أسطواني)كل ينظر إليه من زاويته ولتقريب الفكرة دعونا نفترض وجود أربعة أشخاص وأمامهم قنينة مياه معدنية وطلب من كل منهم إخبارنا بما هو مكتوب عليها فلابد أن يقول أحدهم ( شملان بالعربية ) وأن يقول الشخص المقابل (شملان بالانجليزية)بينما احد الجالسين في الاتجاه الآخر سيقول مكتوب (المحتويات بالعربي )وهو ما سينطقه الرابع بالانجليزية ( ingredientes)ليصبح من حق كل منهم أن يحلف مليون يمين: أنه على حق . وبالانتقال إلى الجوانب السلبية والايجابية لرؤية كل منهم نقف على ماستسفر عنه هذه التشعبات بين (1)شخص يعترف بجزئية ما يرى وأن هذا ينطبق على الآخرين (2)أخر لن يكتفي بهذا الاستنتاج وسيذهب الى أبعد منه بتدوير الشكل الذي أمامه للاطلاع على الزوايا الاربع بحثآ عن الرؤية المتكاملة (3) أما الثالث فسيصر على صحة وجهة نظره فحسب (4)بينما سيحلف الرابع ألف يمين أنه على حق ومادونة محض وافتراء وهو مايحدث على أرض الواقع فبدلا من الاعتراف بالأخر والانفتاح على الجميع والقبول بالتنوع لتتكامل الجزئيات يغلب التطرف الجزئي لدى من ينكفىء على الذات عن قناعة با لاحتفاظ بما لديه فحسب .. أوالكلي بالنسبة لمن يخون أو يكفركل من يختلف معه في الرأي أو الاجتهاد مع أنه حتي الشخص الذي اطلع على الزوايا الأربع تظل معرفته ناقصة ¬– فهناك لون الغطأ وتاريخ الإنتاج والانتهاء في الادنى …ألخ
وتقعيد هذه الفكرة هو : أن الحقائق التي تتوصل إليها الاجتهادات البشرية تمتلك ثباتآ نسبيآ – أي أنها لاتبلغ الكمال – مهما أرتفعت مؤشراتهاكما لاتصل الي الدرجة الصفرية وأن انحدر مقدارها فالكمال لله ومن يدعيه فقد نازع الخالق سبحانه في خصوصياته ولعل من العجيب أن مسألة كهذه قد أستنتجها شاعرالبادية العربية منذ آمد بعيد – قائلآ:-
ألا كل شيء ماخلا الله باطل *
* وكل نعيم لامحالة زائل
وانا أقول :”وكل نعيم في الحياة يزول”الا نعيم ألأخرة
ونستطيع عرض عشرات الأدلة البرهانية – العقلية والنقلية – على هذه الصفة النسبية التي تسري على كل شيء في الكون بمكوناته والوجود بموجوداته بما فيها شواهد قرآنية ومنها
*أن عبادة الأصنام جاهلية مابعدها جاهلية ومع ذلك فإن اجتهادات إتباعها هدتهم إلى أن لمعجزات الخلق خالق ” فلا وجود من عدم” وسجل القرآن الكريم ذلك على لسانهم ” قالوا إنما نعبدها لتقربنا إلى الله زلفى ” ويمكن تسجيل ذلك الاستنتاج في أدنى سلم الاجتهادات البشرية
* تحتل الطبيعة البشرية للانبياء والرسل رأس قائمة هذه الاجتهادات فيما لايرد فيه الوحي الرباني وهو مافسره رسول الله (ص) عن قصة سيدنا موسى عليهما السلام الواردة في سورة الكهف ” وقف أخي موسى خطيبا في بني إسرائيل فقال له أحدهم :من أعلم الناس¿ فقال:” أنا ” ¿ فقال له الله سبحانه وتعالى : بل هناك من هو أعلم منك فاذهب لتتعلم منه فاجابته تلك لاغبار عليها بكل المقاييس الإنسانية فهو كليم الله ونبي قومه الذين سأله أحدهم هذا السؤال إلا أن “فوق كل ذي علم عليم ” في علم الغيب . ولنتعلم درسآ بليغآ عن هذه القصة بخروج سيدنا موسى في رحلة مضنية “لقد لقينا من سفرنا هذا نصبآ ” ليتعلم عن شخص مجهول حتى أن حكمة اللفظ القرآني نصت على هذه الصفة” فوجدا(عبدآ)من عبادنا ” دون أداة التعريف (ال) ومع ذلك وبكل التواضع يطلب سيدنا موسى أن يكون تابعآ له “هل اتبعك على أن تعلمني مما علمت رشدا” .

قد يعجبك ايضا