عندما تدرك الدولة حاجتنا إلى المسرح.. نقول بدأنا

حوار/ محمد صالح الجرادي

لا أدري كيف تتحدث وزارة الثقافة عن مصفوفة سياسات ثقافية لا تتضمن الفنون وعلى رأسها المسرح

منذ أربعة أشهر قدم استقالته من موقعه على رأس الإدارة العامة للمسرح بوزارة الثقافة.. وكشف في حديث صريح لـ (الثورة) عن أحد أسباب استقالته..
وفي مجريات حديثه كفنان ومخرج مسرحي يرفض (سبيت) أن يستمر الحال على هذه الشاكلة من التراجع والتردي في مشهد المسرح اليمني كما يرفض القول عن وجود مسرح حقيقي طيلة الخمسين عاما الماضية على الأقل.. إن موقفه يتحدد في أن نبدأ الآن مرحلة التأسيس للمسرح إلى التفاصيل:

* بعيدا عن البدايات المنمقة سأطرح سؤالي ببساطة شديدة.. كيف هو حال المسرح¿
– تسألني عن حال المسرح وأنا سأقول لك إن المسرح ومعه مختلف الفنون في بلادنا يواجه عدم الاهتمام من الدولة والحكومات المتعاقبة طيلة الخمسة عقود المنصرمة من عمر الثورة (سبتمبر – اكتوبر) وواقعنا حتى الآن يقول بأنه لا توجد لدينا بنية تحتية للمسرح ولسواه من الفنون الأخرى ولا توجد خطة مركزية شاملة لتحريك الفنون عامة والمسرح بوجه خاص أيضا لا اهتمام يذكر بالفنان ودوره ومكانته فالفنان في اليمن ممثلا أو مخرجا أو تشكيليا أو موسيقيا وغنائيا يعيش حالة لا ترتقي في معظم الأحوال إلى حد الكفاف في المعيشة وبالإجمال كل هذه المهام انصرفت عنها الدولة والحكومات في السابق وما يزال – للأسف – هذا الانصراف قائما حتى اليوم.
* ليس بالمفاجئ هذا الانصراف وهذا الشكل من تعامل الدولة مع الثقافة والفنون ما الذي تراهنون عليه كفنانين ومسرحيين ومبدعين¿
– لا بد من إعادة النظر في طبيعة التعامل مع واقع الفنون والفنانين والمبدعين أولا من قبل وزارة الثقافة ثم من قبل الدولة وصانع القرار (القيادة السياسية) لكي نتوصل إلى عملية انعاش المسرح وإلى جانبه الفنون الأخرى السينما التشكيل الغناء الموسيقى الفنون الشعبية.. إلخ.
* أعود مرة أخرى لأسأل في السياق ذاته بماذا تفسرون عدم اهتمام صانع القرار بشؤون الثقافة والفنون¿
– في تقديري أن المسألة تتركز في أهمية استحضار الحاجة إلى المسرح كفن وكرسالة وإلى الفنون جميعها بذات الشكلية والمضمونية أعني من المهم أن يستحضر القرار أو النظام السياسي هذا التساؤل: هل نحن فعلا بحاجة إلى الفنون¿ وهل هي ترف أم أنها ضرورة وواجب إنساني وفلسفي وروحي تجاه المجتمع¿ وأتصور باستحضار معرفة وإدراك أهمية الحاجة إلى المسرح والفنون عامة في تثقيف وتهذيب المجتمع ورفع مستوى ذوقه العام سنكون قد لامسنا بداية الطريق إلى واقع مسرحي وفني نشط ومؤثر وفاعل.
* مقاطعا .. تتحدث عن بداية طريق لقد احتفلتم في الوسط المسرحي بمئوية نشأة المسرح في اليمن قبل سنوات قليلة مضت¿
– صحيح .. نحن نرى ذلك تاريخا وهذا التاريخ المسرحي تجسد في نشاطات هنا وهناك لكننا فشلنا في تأسيس ديمومة وقيمة واستمرارية ثم أن هذا التاريخ من النشاطات المسرحية المتفرقة خضع في مضمونه وشكله لأمزجة الأنظمة السياسية ولأمزجة المتعاقبين على قيادة الثقافة ثم ظروف البلاد الاقتصادية والسياسية ولم يحدث أن كانت هذه النشاطات على اقتراب أو ملامسة حقيقية لحاجة المجتمع وتعبيرا عنه بتفاعلاته وهمومه وأشواقه وأفكاره.
لا يوجد مسرح في عدن
* هل معنى ذلك أن هذا التاريخ الطويل لم يؤسس بنية تحتية مسرحية وبخاصة إذا ما علمنا أن بداياته في الشطر الجنوبي سابقا¿
– لا بالعكس أعتقد أن الشمال سابقا استطاع أن يؤسس مراكز ثقافية في معظم المحافظات وجرى استخدامها للعمل المسرحي إلى جانب كونها مراكز لفعاليات مختلفة أما في الجنوب فليس هناك ما يماثل هذه الحالة عدا قاعة وحيدة للمسرح ضمن مبنى خاص بالثقافة في عدن لم تستطع الدولة إنجاز أكثر من ذلك وحتى دولة ما بعد الوحدة إلى الآن ولعلكم تعلمون أن هذا المبنى الوحيد والشاهد على مسرح في عدن قد جرى استعادته من قبل أحد الأشخاص بعد حرب 94م.
وعموما ما أعنيه بالضبط أنه حتى هذه المراكز الثقافية ووجود قاعات للعرض المسرحي بداخلها لا تعني أن لدينا بنية معمارية تقنية مسرحية حقيقية فمعظم هذه القاعات ليست مؤهلة لما يمكن أن نعتبره عرضا مسرحيا هذا جانب الجانب الآخر من المؤسف بعد 24 عاما من الوحدة أن لا يوجد مسرح في عدن وهي مسؤولية يتحمل آثارها نظام الحزب الاشتراكي منذ ما قبل الوحدة كما هي مسؤولية دولة الوحدة إلى اليوم وليس معقولا – بالمناسبة – أن نشهد هذا التغاضي في حدث تاريخي كمؤتمر الحوار الوطني فلم يحدث مثلا تمثيل الثقافة والفنون بمكون معقول في إطار مكونات المؤتمر وبما يشعرنا أن هناك رغبة في تدارك مغبة وفداحة تغييب العمل على الحاجة الثقافية والفنية للمجتمع.
* مقاطعا .. مازلتم تعولون على الدولة في ظل تقديراتكم لعدم اهتمامها وغياب توافرها على رؤية نعي الدور الهام للمسرح والفنون وال

قد يعجبك ايضا