كلمة لوجه الله(2 )
د/غيلان الشرجبي
لاشك أن الأحداث المأساوية التي شهدها (العرضي)هي حصيلة تراكمات تصعيدية لاتدل على قوة الفاعل وإنما على اطمئنان المخطط بأن أحداثا كهذه لم تعد محفوفة بالمخاطر بالنسبة لمن أدمن على ممارسة لعبة الموت القذرة التي تجاوزت كافة حدود الاجتهادات الخلافية والخلافات السياسية – ربما لأن كل من القوى النافذة تحتفظ بملفات للضغط على خصومها وحين تغيب الإرادة العاقلة فما أسهل اللجؤ للمبررات الديماغوجية التي تعتسف القيم والأخلاق لتنفيذ هذه المشاهد الإرهابية وكأنها مجرد حلقات (لمسلسل الرعب التكساسي).
لذلك كثيرا ما يتساءل المتابع عن علاقة ذلك بالقيم الإسلامية – بل والعربية حتى في الأزمنة الجاهلية – حيث كان الفارس لايقتل خصمه وهو مدبر ولا يغتاله وهو غافل وإذا سقط سلاحه يتوقف حتى يلتقطه ولا يقتل النساء والأطفال أو يعتدي على الحرمات بما فيها الأماكن المحرمة.. الخ والأمر ليس خاصا بالتقاليد العربية ومن يسأل (بوذي) أو( هندوسي) عن ظاهرة (صناعة الموت) لقال: “إن قتل الأنفس وإزهاق الأرواح وسفك الدماء تتنافى حتى مع (قوانين الغاب) فلم نسمع عن وحش يفترس أبناء جنسة ..أما ما الذي يحدث – إذا- فإن قوله تعالى ” وماتفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويوتوا الزكاة وذلك دين القيمة ” يلخص إشكاليتنا اليوم إذ صار كل يدعي الوصاية على الدين والدنيا وتعددت الفرق إلى الحد الذي يكفر فيه بعضها بعضا ويبلغ التشرذم والتفرق مداه باعتساف الحديث النبوي الشريف ” تنقسم أمتي إلى بضع وسبعين شعبة كلها في النار إلا فرقة واحدة ” وبدلا من قياس الفرقة الناجية بالآية أعلاه” وما أمروا إلا ليعبدوا الله….” حدث العكس فأصبح الاجتهاد أولى من الاعتقاد وكل يستشهد بكلام شيخه بأن “جماعته هي الفرقة الناجية”.
وإليكم مجرد نموذج لهذا المنطق الأهوج إذ سمعت بأذني ورأيت بعيني في القنوات الفضائية أحد مشايخ الفتاوى التكفيرية لهذه الجماعات المارقة يقول :” إن القوى الأمنية والعسكرية تحمل سلاحا وتلاحقنا لتقتلنا ليصبح قتلها مشروعا لأننا ندافع عن أنفسنا ومالم نقتلها ستقتلنا ” فيا للهول لمقاربة كهذا يقلب فيه القياس رأسا على عقب فكيف لاتشرعن هذه الفتاوى في غياب الخطاب المؤسسي التشريعي وأين من يخاطب معتوها كهذا بأن لكل مهنة سلاحا كـ(المحراث للمزارع والمنشار للنجار وسلاح الجند البندقية للدفاع عن وطن وحماية شعب والتصدي لمن يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا – من المتمردين الخارجين عن القانون أمثالك ¿¿¿.
نسأله تعالى أن يزكي عقولنا ويحفظ وطننا – أرضا وشعبا – ولايؤاخذنا بما يفعله سفهاؤنا فينا ..