يوميات المدينة المخنوقة¿
حسين العواضي
0 صنعاء التي تغزل الأدباء والرحالة والشعراء في جمال مناظرها ورحابة ساحاتها وروعة بساتينها وقالوا أنها (حوت كل فن) صارت مدينة حزينة محاصرة مخنوقة.
0 مدينة مكتئبة حائرة تنام قبل العشاء لا شيء يبهجها تخبئ أسرارها وحكاياتها ظلام مخيف وتلفاز عتيق أدمن نشرات التعازي وأخبار المآسي التي لا تغيب.
0لا توجد عاصمة في الدنيا تضيق من ذاتها ومن أهلها ومن زوارها كما هو حال المدينة التي شاخت قبل الأوان.
0السكان والزوار تآلفوا مع المطبات والحفريات التي تقطع أوصال الشوارع والحارات وقبلوا بها على مضض باعتبارها حال مائل ومؤقت ولن يطول.
0هذه أيام كان (الاعفاط) يستحون قليلا أما الآن فقد ذهب الحياء وذهب قبله النظام والقانون والمصلحة العامة أصيبت بالجلطة الدماغية.
0كل من عنده بقايا (كونتينر) وثلاثة (مقعشين) نصب مطبا وحاجزا أمام داره وخلفها لزوم الوجاهة والهنجمة والمسؤولية الزائفة.
0صار الأعفاط يقطعون الشوارع والحارات بحواجز اسمنتية شاهقة لا يبالون بمشاعر جيرانهم ولا يهمهم منظر شوارع المدينة المخنوقة التي تحولت إلى سجن كبير.
0وكلما زاد خوفهم وعظم قلقهم ارتفعت الحواجز وزادت طولا واتساعا.
0مطبات ومتارس وحواجز ومقعشين أمان يا ربي أمان ألا يدرك هؤلاء الذين يحاصرون العاصمة من الداخل أن الناس يسخرون منهم ويشفقون عليهم.
0انهم محاصرون بحواجزهم ومطباتهم ومحاصرون من داخلهم قصورهم لا يدخلها الهواء النقي وحياتهم خوف وقلق وعقابهم في الدنيا أن يعيشوا في هذه السجون ا.
0نفهم أن تحصن السفارات والمؤسسات السيادية وألف أو ألفين من منازل المسؤولين الكبار لكن أن يصير عدد الحواجز أكثر من عدد سكان العاصمة فهذا أمر لا يطاق.
جل سكان العاصمة محاصرين بالحواجز الخانقة حي الحصبة وأحياء الجامعة ووحدها منطقة حدة بها من حواجز الاسمنت ما يبني عشر مدارس وخمسة سدود .
0طيب إذا كانت هذه الحواجز قضاء وقدرا زينوها بلمسة جمال أو حنان أن منظرها ومظهرها يزرع الرعب في قلوب الأطفال والزوار ويزرع في الرؤوس علامات الدهشة والرثاء لمن كل هذه الحواجز لمن¿
0وبعد الهيكلة والشتات وخلو المعسكرات استبشر سكان العاصمة وراودتهم الأحلام الأنيقة أن تحول الثكنات إلى حدائق ومتنزهات ويبدو أن الأحلام السعيدة لا تتحقق إلا في السويد.
0ولما كان مرور العاصمة عاجزا وخجولا فإنه الآخر يحل مشكلة الاختناقات المرورية بالمزيد من الحواجز يضع بعضها لظروف مؤقتة ثم يتركها لسنوات إما بالنسيان أو لعدم وجود ميزانيه للنقل.
0ترشد العاصمة بالإكراه في الطاقة والمياه ولاحد يفك ضيقها من زحمة الحواجز والمطبات والحسنة الفريدة أن سكان العاصمة صاروا أبطالا بالصدفة في رياضة القفز على الحواجز وهي رياضة عالمية ويمنح أبطالها أوسمة فضيه وذهبيه.
0اتدرون لماذا يهاجر الفرح إلى مدينة ويستوطن الحزن مدينة أخرى لأن الأولى تغطيها الأشجار الظليلة والثانية تخنقها حواجز الاسمنت القبيحة.
0لها الله صنعاء المدينة الأثيرة التي فتحت أبوابها السبعة لكل اليمنيين فرد بعضهم جميلها بالجحود والنكران وبالمتارس والمطبات والحواجز الخرسانية الخانقة