مداد سائل..

محمد المساح


 - تأتي لحظات نادرة في عمق الليل وتكون واحدا من أولئك الذين يصاحبون الليل فتتوثق بينكما علاقة بوح وحوار.. لا تدري والناس من حولك قد رحلوا وشدوا رحالهم في بحار النوم وبقيت وحيدا تساهر الليل ويساهرك حارس ليل مشارح جربة غاوي
تأتي لحظات نادرة في عمق الليل وتكون واحدا من أولئك الذين يصاحبون الليل فتتوثق بينكما علاقة بوح وحوار.. لا تدري والناس من حولك قد رحلوا وشدوا رحالهم في بحار النوم وبقيت وحيدا تساهر الليل ويساهرك حارس ليل مشارح جربة غاوي صمت ترحل داخل نفسك أو تستجر كما يستجر الحيوان فتعيد شريط النهار في الذاكرة باحثا عن موقف مثير.. أثار في لحظته ردود أفعال لديك فتتبعت تسلسل وقائعه ثم جمعت قوة التركيز ورابطت بداية المشهد ووسطه ونهايته أو احتفظت بجزيئية عابرة قد لا تثير حينها.. أي أثر ولكن الاستجرار والاستعادة على مهل أوقفتك في منعطف الموقف.. ربما ظللت ساهرا أقهدك القات أو طرأت على الذهن فكرة هم من الهموم فسحبت البساط النومي من خلايا الدماغ وذهبت في رحلة قصيرة في تقليب المسألة فطالت الرحلة وتصعبت.. أمور كثيرة متباينة ومختلفة تجعل كثيرا من الناس سهار ليل ورفقة تأمل.. وأنت مندمج متوحد مع الليل وأشيائه وكائناته ستجذبك تلك اللحظات التي تقترب منك الأشياء.. أشجار ريح هوام الليل فراشات ضوء اجتذبتهن ذبالة السراج أو ضوء الكهرباء.
الريح وهو يئن أو يداعب بهمس خافت أغصان الأشجار ويجمعها حوله.. فيحكي لهن أقاصيص وحكايات ساحرة لا يفهمها البشر.
أو يصرخ ويتوعد يزأر ويجلجل. وصحن السماء وقد سافرت الغيوم والسحب إلى سماوات أخرى وكيف تتجمع النجوم عناقيد ضوء يتبدى لعيونك كأنهن يتهيأن للهبوط والجلوس بجانبك..
الليل بكامل حضوره وهو يسجل في أوراقه ثغاء طفل صغير مواء قطة تبحث عن أليف بقرة «تناهر» نسيت صاحبتها مع العجل.. أن تضع في «مزقامها» القروط عشاء كل ليلة.
الأرض.. وهي تستكين نائمة تسمع أنين النائمين وشكوى المقهورين.. وأحلام وكوابيس.. وأخيرا دبيب هذا القلم الذي يبكى مداده السائل.. ليكتب لك لحظة تأمل في عمق الليل.

قد يعجبك ايضا