هل نسرق آثارنا¿!
جميل مفرح
قرأت قبل سنوات حكاية عن تاجر كان له ثلاثة أبناء يساعدونه في إدارة المتجر والبيع والشراء وكان الوالد نهاية الأسبوع يكتشف أن غلة المتجر ليست كما يجب أن تكون أي أنه أصابها السطو والسرقة وحقيقة الأمر أن أحد الأبناء كان يسرق جزءا من الغلة والمشكلة أنه لا يستفيد مما يسرق وإنما فقط يكتفي بالسرقة ويقوم بتوزيع ما يسرق من مال على أصدقائه ولا يحصل هو منه على شيء وأخذت به العادة والتعود على هذا الأمر دون أن يكتشف أمره.
> الوالد كان يعلم أن الغلة تسرق من قبل أحد أبنائه ولكن أيهم السارق¿! ذلك ما لا يعلمه فيكتفي بمنع العطايا التي يحصلون عليها نهاية الأسبوع وبدأ التعود على ذلك وكأنه إذا لم تسرق الغلة استغرب ذلك.. واكتفى بذلك العقاب الجماعي دون أن يشدد على معرفة أي أبنائه هو السارق والولد السارق تعود على ذلك الفعل وكأنه يفعله نكاية أو انتقاما من مال أبيه أو بالأصح ماله ومال إخوته ومضى الأمر كما هو حتى توفي الوالد وتلى ذلك حتى غدا أمرا متعودا لدى الأبناء الورثة دون أي اهتمام حقيقي بمعرفة وكشف الفاعل!!
هذه الحكاية استحضرت وعادت إلى ذهني مؤخرا مع انتشار خبر سرقة المتحف أو الآثار التي لا تقدر بثمن وما يتردد حول إجراءات التحقيق والتدقيق في قضية من الأهمية بمكان إذ تتبادر إلى ذهني وذهني الكثيرين عديد الأسئلة حول من هو الفاعل¿ من قام بسرقة هذه الكنوز الثمينة¿ ولماذا قام بسرقتها¿ وكيف ومتى¿ وأين غدا مصيرها¿ أسئلة تدور في كل الأذهان ابتداء من جهات الأمن والاختصاص ومررا بالمسؤولين الذين يتحملون أعباء ومسؤولية هذا الحدث ووصولا إلى العامة الذين لا تنتهي أسئلتهم وتساؤلاتهم حول الإجراءات الأمنية والإهمال الذي تتعرض له هذه الثروات!!
والسؤال الأهم هو ما الذي سيجنيه الجاني من فعل هكذا¿ هل فعلا بإمكانه التصرف في هذه المقتنيات الثمينة التي طار بها الفقدان¿ ومن هو أو هي الجهة التي من الممكن أن تدفع مقابلها¿ وهل حقا من الممكن أن تتسرب إلى خارج الوطن¿ هذه أسئلة لا تحتاج إلى من يجيب عليها بقدر ما تختصر في تساؤل مهم وهو: أين الدولة¿ أين أجهزة الأمن¿ أين الرقابة¿ أين البشر¿ أين الإنسانية والوطنية التي كثيرا ما نزايد بها ولا نعرف عنها أسهل أساسياتها¿ والعبارة التي من الممكن أن تكون إجمالا للأسئلة والتساؤلات هي أنه على كل مسؤول أن يقوم بالدور المناط به وألا يلتقي بالوقوف في صف الجمهور المتفرج إذا كنا حقا نحب هذا الوطن بما يمثله ويحتوي عليه والذي تبادر إلى مسامعنا أن ثمة تهاونا وتساهلا في القضية وعمليات التحقيق على الرغم من أن الأخ الوزير قد هدد بالاستقالة إذا لم تتم استعادة المسروقات الثمينة.. ونود التأكيد على أن التهاون في هذه القضية سيجعلها أمرا مسلما به ومتعودا عليه وهذا ينذر بكارثة بل بكوارث في حياتنا في وطن لم يعد يستطيع تحمل المزيد من الإهمال واللامبالاة اللذين يدمران بناه وكيانه ويسرقانه من بين أيدينا دون أن نحرك ساكنا أو نسكن متحركا.
> أخيرا هي دعوة للأخ وزير الثقافة والجهات الأمنية المختصة إلى أن يولوا هذه القضية كل الاهتمام وأن تؤدي كل الجهات المتعلقة بالقضية دورها الفعال بعد التنسيق والترتيب فذلك كل ما يلزم لتعود هذه المسروقات الغالية لأنه لو حصل ذلك التعاون والتنسيق سيجد السارق نفسه مكبلا بفعلته متورطا بما نهب وسرق من حق ليس لفرد ما أو لجهة ما بقدر ما هو حق لكل اليمن وكل اليمنيين بما فيهم هو وسيجد نفسه وقد أعاد المسروقات أو أعطاها منحة لسواه كما فعل أو كان يفعل الابن السارق إنه ليس بحاجة لمثل هذه المقتنيات بقدر ما الحاجة الماسة تطرق أبواب الجهات المعنية التي من المفترض أن تسعى سعيا حثيثا لاسترجاع المفقودات وألا تبدي أي تهاون أو تقصير قد يميت ويلاشي القضية بالتقادم والتناسي..
والله من وراد المقصد.