الهوية الاقتصادية في ظل دستور اليمن الجديد
د/أمين محيي الدين
كنا قد تحدثنا في مقال سابق عن نوعين من الدساتير وهي الدساتير التقريرية والدساتير الاستشرافية وتوقعنا أن تكون دساتير اليمن الجديد من النوع الثاني . أن صياغة الدستور يحتوي العديد من الهويات للدولة والمجتمع منها الهوية السياسية والهوية الاقتصادية وهوية سلطات الدولة وهوية المؤسسات المستقلة . وسوف نحاول في هذا المقال الحديث عن الهوية الاقتصادية وبما يتفق مع دساتير الموجة الرابعة . .. أن الهوية الاقتصادية تعني الأسس الفكرية التي يقوم عليها النظام الاقتصادي والأهداف إلى تحقيقها وموجهات سياسية عامة تسمح للأحزاب باختيار برامجها تحت غطاء الدستور . .. فعلى جانب الأسس الفكرية للنظام الاقتصادي نتوقع أن يرسخ الدستور حفظ الحقوق والممتلكات الخاصة للأفراد من السطو والمصادرة وحماية الحريات الفردية للأفراد واحترام خياراتهم وتشجيع المبادرات الفردية والإقرار بضرورة تدخل الدولة لمعالجة مايطلق عليه في الحالات التي يفشل في توفيرها نظام السوق مثل الاستثمار في الخدمات الاجتماعية والبنية الأساسية والبحث العلمي وإرساء أسس تطبيق القانون التي يتمناها الغني والفقير والقوي والضعيف حتى نضمن خلق بيئة تشريعية ومؤسسية غير مشوهة ومشجعة للتقدم والنمو ونظام مصرفي فعال يحفظ حقوق الأفراد ويساهم في تمويل المشروعات الخاصة والعامة . وتكامل بين القطاع العام والقطاع الخاص وتنمية للصناعات الصغيرة والمتوسطة والصناعات المهنية والحرفية وتشجيع المنافسة ومحاربة الاحتكار ….أن هذه الأسس الدستورية يفترض أن تعمل على تحقيق العديد من الأهداف منها تحقيق التنمية المستدامة من خلال خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية ومعالجة مستويات البطالة المرتفعة والتخفيف من مستويات الفقر وتقليل التباينات الجغرافية في مستويات التنمية وتحسين مستويات الدخول للأفراد والارتقاء بمستويات المعيشة وتقليل التباينات في مستوى الدخول وتحسين كفاءة وكفاية الخدمات العامة المقدمة للمواطنين مثل التعليم والصحة والكهرباء والأمن.. إلخ. وحماية الضعفاء من خلال توسيع وتعميم شبكة الضمان الاجتماعي وحماية البيئة .بالطبع هناك أهداف أخرى تفصيلية لكن تظل هذه هي الأهداف المرتجاة لأي مجتمع لأن تحقيقها سيحقق الأهداف الفرعية الأخرى . أن تحقيق هذه الأهداف السابقة يتطلب أن تكون للمجتمع سياسات وأدوات يسترشد بها من خلال الدستور ثم تأتي البرامج التفصيلية للأحزاب والقوانين لتشرحها واختيار أدوات تنفيذها ….. أن تحقيق هذه الأهداف يتطلب أن يضع الدستور الملامح العامة للموازنة العامة في جانبيها الانفاقي والإيرادي بحيث تتسم الموازنة بالكفاءة الواقعية ويكون هدفها حفز النمو الاقتصادي وتحسين توزيع الدخول من خلال الضرائب وتوفير الخدمات العامة بالكفاءة والكفاية المطلوبة وغير مرهقة للقطاع الخاص فلا يعطي مجالا للحكومة للمبالغة في النفقات خارج حدود الموارد المتاحة فيزاد العجز وترتفع المديونية إلى مستويات غير آمنة …. التأكيد على أهداف السياسة النقدية المتمثلة في استقرار المستوى العام للأسعار واستقرار سعر الصرف وحفز النمو الاقتصادي بالإضافة إلى تأكيدها للاحتفاظ باحتياطيات من العملات الصعبة عند مستويات آمنة وليس في حدودها الدنيا لمنع حدوث اضطرابات في سعر الصرف ولإعطاء مؤشر للمستثمرين بأن الاقتصاد لن يتعرض لهزات اقتصادية خلال الأجل القصير والمتوسط يجعل قدوم الاستثمار عملية مستحيلة … وسياسات استثمارية ….ووضع ملامح سياسة تجارية قائمة على حرية التجارة إذا كان ذلك ممكناأما في ظل وجود عجز كبير في الميزان التجاري ومحدودية موارد الدولة من النقد الأجنبي فإنه ينبغي أن تستهدف السياسة التجارية والسياسة الجمركية تشجيع الصادرات ومنع تأكل احتياطيات الدولة من النقد الأجنبي من خلال ترشيد الواردات وتشجيع الصناعات المحلية وتقليل العجز في الميزان التجاري لميزان المدفوعات.