مجالس» الولادة« : عادة قديمة بأساليب مطورة وابتكارات حديثة
تحقيق / زهور السعيدي

مريم حامل في الشهر الثامن بمولدها الثالث ومع أنها باتت على وشك الولادة إلا أنها كما تقول لم تعد تفكر في آلام المخاض ومتطلبات ” الوضع ” بقدر ما يشغلها أمر النفقات الخاصة بمجلس ” الولادة” المنتظر في ظل محدودية دخل زوجها العامل البسيط..
”مجالس الولاد” عادة قديمة في العاصمة صنعاء ومختلف مدن اليمن وقد قيلت فيها حكم حول تكاليفها الباهظة ومنها المثل الصنعاني الشهير ” عرسين ولا ولاد ” وتعقد هذه المجالس للام عقب ولادتها بحضور مجاميع غفيرة من النسوة من الأهل والمعاريف وقد أخذت مجالس الولادة في الآونة الأخيرة في التوسع لتشمل ابتكارات جديدة وممارسات لم تكن مألوفة في السابق وكل ذلك بات يشكل عبئا ثقيلا لا يطاق بالنسبة لكثير من الأسر ممن يشغل أربابها مهنا بسيطة وما يدار في جنباتها من آثار سلبية خطيرة كما يؤكد أطباء ومختصون على صحة الأم والوليد جراء كثافة دخان التبغ المتصاعد من صنوف شتى من ” الشيشة ” ذات الأشكال والأحجام المختلفة التي تحفل بها تلك المجالس.
” الأسرة ” حاولت الاقتراب من هذه الظاهرة والتعرف على طبيعتها وآثارها المتعددة على الصعيد المادي والصحي لكثير من الأسر اليمنية المكافحة .
هاجس دائم
الهاجس الدائم الذي بات يشغل بال مريم وهي أم لطفلتين يتمثل في إقامة ” مجلس الولاد” بعد أن أصرت عليها عدد من صديقاتها على ضرورة إقامته كحق على الزوج فيما تعلم علم اليقين ظروف زوجها الصعبة وقلة حيلته فهو يعمل بائعا جائلا في منطقة باب اليمن ويتحمل إيجار المسكن لأسرته في الحي الشعبي البسيط بمنطقة نقم إضافة إلى تحمل أعباء زوجته وطفلتيه ..
وتضيف مريم وهي في العقد الثاني من عمرها: بت أرأف بحال زوجي الذي رحب بالفكرة على مضض وراح يبذل جهودا مضاعفة مؤخرا ويعمل لأوقات متأخرة من الليل من اجل زيادة دخله والإيفاء بمتطلبات مجلس الولاد.
ابتكارات جديدة
هذه المجالس كما تراها كثير من النساء ضرورة لا يمكن الاستغناء عنها وبالتالي تجد كثير من الأمهات حرجا كبيرا عند محاولتهن عدم إقامة تلك المجالس وتقول سعيدة أحمد وهي ام لطفلين من محافظة الحديدة وتسكن في حي سعوان شرقي العاصمة صنعاء بأن هذه العادة أصبحت وكأنها واجب على كل والدة أن تقيمه خشية من حديث النساء والهمز واللمز الذي بات يلحق بكل من يحاول تجاهل هذه العادة السلبية وكأنه قد أقدم على شيء معيب ومخجل .
ولا تتوقف مجالس الولادة عند الطقوس المعروفة التي كانت تقام منذ أمد بعيد بل أن هناك ابتكارات جديدة ..
وتوضح ميمونة مسعود وهي معلمة في إحدى مدارس منطقة الصافية بأن من تلك الابتكارات شراء مجسمات لدمى كبيرة تأخذ شكل الولد إذا كان المولود ذكرا وبجانبه مصحف وكتاب يرمزان إلى انه سيتعلم ويدرس كما تأخذ الدمى شكل الأنثى إذا كانت المولودة أنثى كما يتم تلبيس هذه الدمى باقشمة فاخرة وتوضع إلى جانبها ” مخزرة ” التي تصنع الخبز لترمز إلى أنها ستكون ربة بيت “تخبز وتملج” كما يقولون .
وتضيف ميمونة إلى انه يتم التباهي بين النساء بمن كان مجلس ولادها أفضل وهذا دليل على حب الزوج لها وعلى عناية الأسرة بها وعلى الترحيب بها من قبل أهل الزوج.
أما أم عبدالسلام من صنعاء القديمة : رغم أن مجالس الولاد تحمل الكثير من الأعباء وتحتاج إلى الكثير من المتطلبات إلا أن لها فائدة حيث تقوي الروابط الاجتماعية بين الأسر