فليؤمنوا بما أصابهم
الصدق أقول والحق أدعي أن الظروف والأحداث المتتالية تثبت من يوم لآخر أن الإخوان المسلمين لم يصبحوا بعد صالحين لتولي حكم وقيادة بلدان على الإطلاق.. فالجماعة لم يخطر في بالهم يوما أنهم سيصلون إلى ما وصلوا إليه اليوم على ظهر ثورة نقية كانت طموحة وحالمة بنقل أرض الكنانة إلى قلب العصر الحديث.. وعليه فقد كانوا يعدون أنفسهم دائما ليكونوا قوة موازية لأي نظام سياسي يستطيعون في كنفه أن يحققوا مكاسب مصلحية معينة لا تصل إطلاقا إلى مستوى التفرد بحكم بلد والاستئثار بقراراته السياسية والمصيرية.
< لذلك نجدهم حين أوصلتهم ثقة الشعب التواق للتغيير إلى الحكم لم يستطيعوا أن يتعاملوا مع ذلك الواقع ويلبوا طموحات وأحلام الشعب الثائر الذي حملهم على أكتافه إلى ما هم فيه أو بالأصح ما كانوا فيه على اعتبار الحال القائم الآن.. بل على العكس انشغلوا عن ذلك بأنفسهم وطموحاتهم ومطالبهم المحدودة في دائرة مصالح التنظيم وقياداته ثم أعضائه بدرجة تالية.. وقد قادهم عدم التعود إلى كثير من الأخطاء الفادحة التي باعتقادي عجلت بالآجال.. فقد جاءوا متلهفين للسلطة وفي أذهانهم فقط السلطة مجردة من كل لوازمها ومسئولياتها..
< وهنا تكرست الحقائق المرة التي أكدتها الدراسات والإحصاءات الأولية والتي عكست وتعكس تراجعات مخيفة في مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية وبالتالي التراجع المخيف في شعبيتهم ومستوى القبول بهم وبنظامهم وفي وقت قياسي أيضا.. وذلك أمر طبيعي لا يقف إطلاقا إلى جانب عدم قبولهم وتفاجئهم بما حصل في حقهم من ثورة أعلنت عن حضورها وتأججها مع إتمامهم العام الأول من السيطرة والتربع على عرش مصر.. حين أبى الشعب المصري أن يظل وقودا لقطار تحقيق الإخوان مغانمهم ومكاسبهم المستعجلة..
< إنها ثورة الثلاثين من يونيو التي يصممون على وصفها بالانقلاب بالرغم من أنها لم تختلف في شيء عن ثورة الخامس والعشرين من يناير التي امتطوها وجاءوا على متنها ظافرين بالحكم والسلطة!! والتي يصممون على نقضها بما يسمونه الشرعية الدستورية.. فقد كانت للرئيس السابق محمد حسني مبارك أيضا شرعية دستورية وخرج الشعب عليه في ثورة أطاحت به كما خرج الشعب أيضا في ثورة يونيو ليطيح بالرئيس محمد مرسي العياط.. وكما يقولون هم في لهجتهم اللذيذة "ما فيش حد أحسن من حد".
< والغريب أنهم يتعاملون مع السلطة اليوم وكأنها حق مطلق ولا يحق لأحد أن يقصيهم عنها أو يسلبها منهم ليذهبوا مذاهب تسحب منهم الثقة ربما لنصف قرن آخر من الغياب إن لم يكن لقرن أو قرون من الزمن مثل التهديد بإشعال الفتن والاغتيالات والسيارات الملغمة وما إلى ذلك مما هددوا وتوعدوا به شعبهم إن لم يطöل أو يطلق الثقة بهم!! فأية ثقة يرجونها في مثل هذا الحال ومع مثل تلك التصرفات التي تثبت حقا أنهم ما يزالون بعيدين كل البعد عن أن يكونوا أهلا لحكم الأوطان وقيادة الشعوب!! مهما كانت دعاواهم ومبرراتهم التي لم تعد تقنع ألبتة.
< أقول لو أن هؤلاء انشغلوا ببناء وطنهم وتلبية حاجات شعبهم العزيز وأبدوا اهتماما في معالجة قضاياهم الاقتصادية والسياسة لكانوا اليوم ينعمون بخير ثورة يناير وسيظلون ولكنهم للأسف ونتيجة لعدم التعود على القيادة تعاملوا مع قيادة بلد وكأنها قيادة حزب أو جماعة فاهتموا فقط بما يتعلق بمصالح الجماعة ومن ينتمي إليها وتركوا تسعين مليونا من البشر هامشا بعيدا عن اهتمامهم بل ولم يسلم الكثير من أبناء هذا الشعب مما قاموا به في حقهم من إقصاءات وتهميش واستبعاد لصالح أعضاء الجماعة والمنتمين إليها.. فكان ذلك سببا مهما من أسباب كثيرة عجلت الثورة عليهم وعلى حكمهم المستجد.
< لذا فإن من الملزم لهؤلاء أن يؤمنوا بما وصلوا إليه اليوم كما آمن الآخرون بهم وبوصولهم إلى الحكم سابقا وبذات الكيفية.. وأن يؤمنوا بالثورة كمعنى عام شامل ليس مقصورا على مصالح فئة وانتصاراتها وحسب يجب أن يؤمنوا بأنهم أقصوا لأسباب وجيهة وأن يراجعوا أنفسهم ويعالجوا تلك الأسباب إذا كانت لديهم الرغبة في محاولة أو محاولات أخرى إذا أرادوا أن ينجحوا وأن تكون هذه التجربة بمثابة درس للتعلم والإدراك بأن حكم دولة/ وطن/ شعب ليس إدارة جماعة أو تنظيم وإلغاء لكل ما هو سواها..
< عليهم أن لا يطيلوا في التعبير عن الرفض والغضب والتفاجؤ بما حصل فليس في ذلك إلا إراقة لدم زكي وتدمير لوطن غال وعبث الجميع في غنى عنه في راهن وقادم الوقت عليهم أن يؤمنوا به كمشيئة أرادها الله لهم لغاية في الغيب أفليسوا مؤمنين¿! وليدركوا أن ما حصل لهم ولحكمهم أو بال