الحوار ومعركة المفهوم
أ.د عبدالله أحمد الذيفاني
أ.د/ عبدالله أحمد الذيفاني –
من أخطر ما يمكن لفت الانتباه إليه هو تبني فكر الآخر ومفاهيمه على أساس ثقافة السماع والاستماع وعدم الخوض في قراءات معمقة ومقارنة تعتمد على فكر وتفكير وتفكر وبمنهجية علمية خالصة تقوم على المعلومات والقراءات الناقدة التحليلية وتستقرأ المزايا والعيوب والمخاطر المترتبة على الاختيار والخيار المطروح على الوطن أرضا وإنسانا وثقافة وقيما وعقيدة وسلاما اجتماعيا وتعايشا بين مكوناته وتكويناته لا يمكن أن تكون الرافعة للإرتقاء لأي مجتمع من المجتمعات.
وفي ذات السياق إن القراءة وحدها لا تكفي إن لم تكن مسنودة بوعي ناضج ومسؤول بالذات الجمعية فكرا وتاريخا وانتماءا ومسارا حضاريا ووجودا ومواردا وتأثيرا في الجغرافيا السياسية وموقع ذلك من المصالح الإقليمية والدولية وعلاقة كل ذلك بما يطرح من مفاهيم.
إن القراءة المعتمدة على رؤية واضحة للذات والآخر هي القراءة المتوازنة التي يمكن لها أن تشكل قارب النجاة وتأخذ الآمال والطموحات إلى شاطئ الأمان.
فمثل هذه القراءة تبين بجلاء الخصوصية ومواطن القوة فيا ومواطن الاعتلال وتبين بالمقابل مزايا الانفتاح والأخذ بالمعاصرة في معالجة الاعتلالات وتجاوز حالة الضعف والتي عادة ما تتركز على نحو جلي في الجوانب التقنية والعلمية التي تحتاجها الخصوصية لتعزيز مواطن القوة فيها وتمكنها من العبور جسر الفجوات التي تفصلها عن غيرها وتجعلها قادرة على التفاعل والانفعال والفعل والتأثير والتأثر بوعي ونية واقتدار في مسارات الفعل والانفعال مع الآخر والتأثر به والتأثير فيه.
من هنا يمكننا القول أن تبين الرؤى والأفكار لا يمكن أن تكون نتاج لقاء في قاعة محاضرات ومن خلال خبير يقدم تجربة كما نسمع هذه الأيام في تجربة مؤتمر الحوار الوطني الشامل التي تعتمد على استقدام خبراء وخبرات بل إن التبين كما أشرنا يأتي محصلة قراءة معمقة وفق إجابة دقيقة للسؤال القديم الجديد من نحن¿ وماذا نريد¿
تمثل الإجابة عن هذا السؤال كل ما نسعى إلى تمثله وتحقيقه في مساراتنا الحياتية الخاصة والعامة وفي الدولة التي نريد والشكل الذي ينبغي أن تكون عليه والقيم التي ينبغي أن تقوم عليه هذه الدولة والأدوار التي ينبغي على القوى الاجتماعية والسياسية المدنية القيام بها لحماية مصالح الوطن والمواطنة المتساوية في ظل شراكة حقيقية تترجمها تلك الأدوار وترعاها في الحاضر والمستقبل بوعي يمتد إلى الجذور والأجنحة التي تطير بنا في فضاءات الخصوصية ورحاب الآخر بقيود القيم التي تحكمنا وبحرية واسعة في استيعاب ما يمتلكه الآخر من منافع ومصالح تخدم التجربة وتعزز المسار وما يمكن أن نقدمه في سياق تبادل المنافع والمصالح بندية واحترام متبادل.
من العيب أن تهرول مجتمعات في اتجاه الآخر بدون وعي بالذات ومعرفة عميقة بطبيعته