البحث عن إجابة

‮جمال الظاهري

 - يسألك طفلك و هو يشير إلى القمر: من أين جاء هذا القمر يا أبي¿ فتجيب عليه بكلام كثير وتجتهد في استذكار ما نسيته من علوم ونظريات و افتراضات وآيات قرآنية فيما أنت
‮جمال الظاهري –

يسألك طفلك و هو يشير إلى القمر: من أين جاء هذا القمر يا أبي¿ فتجيب عليه بكلام كثير وتجتهد في استذكار ما نسيته من علوم ونظريات و افتراضات وآيات قرآنية فيما أنت جاهل للاجابة الصائبة.
وفي زحمة اسألته البريئة والبسيطة يسألك لماذا انت مهموم¿ من زعلك بابا¿ تجد نفسك عاجزا عن الاجابة الشافية الواضحة فتحتار وتحك رأسك وتجتهد في الاجابة عليه وأنت تعرف خطأها .. فينتقل بك الى سؤال آخر أو تعقيب على جوابك وكأنه أدرك عجزك عن الاجابة الدقيقة والواضحة فيعقب قائلا: عندما اكبر سوف انتقم لك منهم..
وأمام هذا الإحساس وهذه العواطف لا يسعك إلا ان تجذبه الى حضنك وتضمه بحنو وتقول له يا بني عندما تكبر ستفهم وستعرف أنه مش لازم أن يكون هناك شخص بعينه سببا للزعل .. تحدöثه بهذه العبارات وأنت تعرف أنه لن يفهم معناها المهم تنشغل بالعاطفة وتنسى أسألته التي هي ربما مفتاح معرفة الحقيقة التي تاهت عنك أو أنك من غفلت عنها.
كلنا تائهون في الزحام الذي لا يسمح لأحد بأن يرى أو يتفحص حال ووجوه من يمرون أمامه أو بجانبه .. عيوننا مفتوحة .. (مفنجلة) كما يقول اخواننا المصريون نتفحص كل شيء ونصوره كعدسة هاو دون الاكتراث لملامح الصورة ولا لحالتها وما تخفيه هذه الاجسام المتحركة داخلها.
أحيانا تراودني الرغبة في البكاء مثل طفل صغير يتيم تاه في الزحام يصرخ باحثا عن أمه في سوق يعج بالمتسوقين وفي حالة اخرى يهيأ لي أننا جميعا أطفال.. لا فرق بين شاب يافع ولا رجل ولا امرأة وطفلة لا فرق بيننا وبين أطفالنا.
يخيل لكل واحد منا أنه على الصراط المستقيم وأنه وحده من يجيد (فقس) البيض وفهم الحقيقة المطلقة للحياة والمعرفة لما يجب أن تكون عليه الحياة وما يناسبها من نشاط واسلوب حياة فيما الواقع يقول أننا أطفال ولكن بأحجام كبيرة وأننا لم نتعد مرحلة الحبو واللعب بالاتربة أمام منازلنا..
تحركنا وتتحكم بحياتنا العواطف وتقودنا الحاجة للاستمرار في الحياة كل يوم بيومه لا اهداف ولا خطط ولا برامج حالنا كأفراد كحال مجتمعاتنا وحكوماتنا – على باب الله – أحيانا نعشق بعضنا لأن غريزة العشق تقودنا وأحيانا نرفض بعضنا البعض لأن غريزة الكراهية هي من تقودنا لهذا الرفض لا نعطي أهمية للسؤال ولا لجوابه كي نعرف لماذا نعشق ونحب ولماذا نبغض وما أسباب هذا الرفض¿
علقنا في متاهة الغرائز وفشلنا في امتحان الفهم للصواب الذي نحن في أمس الحاجة اليه نجتهد في بحثنا عنه في الظاهر وفي محتويات الغير وفي تصرفاتهم وأفعالهم ونشاطهم في فرحهم وحزنهم في قوتهم وعجزهم وصفاتهم وحتى أشكالهم ونسينا ان نفتش عنه في دواخلنا.
بحث مستمر عن المفتاح السحري لصندوق الحياة التي نريدها عن ترياق يصعب على الكثير أن يكتشفه أو يتقبله لأن حياتنا تسيرها مجموعة من الغرائز الطفولية والأكاذيب والعقد والرواسب والتراكمات التى نخزنها فى مستودع النفس البشرية دون بذل للقليل من الجهد في ترتيبها أو دراسة.
يسيطر على نشاطنا الشغف والخوف فنسينا أن الحياة أحجية وامتحان لقدراتنا كأفراد ومكونات ومجتمعات وأن باستطاعتنا أن نجعلها سهلة وممتعة أو أن نجعلها كئيبة ومعقدة وأن مفتاحها العقل المتحرر من سيطرة الغريزة وكي ننجح في الإجابة عن أهم سؤال يشغلنا كي ننعم بالحياة التي نريد .. وهو ماذا نريد¿

قد يعجبك ايضا