من يحمى فقراءنا¿
جمال الظاهري
جمال الظاهري –
الباعة الذين يمتطون الأرصفة ويحتلون الجولات جنبا إلى جنب مع الشحاتين الذين يزدادون كل عام لم يعد احد فى بلادنا يشعر بهم أو يتحسس مشاكلهم وآلامهم لم يعد من أحد هذه الايام يلتفت إلى أوجاعهم وحتى التساؤلات حين تصادفهم في طريقك توارت عن اذهاننا ليس حرجا من عيب الاهمال الذي يلف حياتنا وإنما تبلد أمام واقع إنساني لم يعره أحد أدنى اهتمام وذلك بفعل الاعتياد على رؤية المشهد نفسه كل يوم.
لا أحد يسأل لماذا صاروا إلى هذا الوضع المهين ولماذا هم في ازدياد مضطرد أو لماذا يمتهنون هذة المهن المذلة والمتعبة التى يعتبرها المجتمع وصمة عار ليس في جبينهم وحدهم.. بل ونحن ابناء اليمن الموصوفين بخصال اللين والرقة على لسان أشرف الخلق محمد صلى الله عليه وآله وسلم – لا أحد يلتفت اليهم منا كأفراد أو حكومات لماذا ذبلت اخلاقنا وإنسانيتنا ومروءتنا التى كانت مفخرة نعتز بها ولماذا تخلينا عن غيرتنا على كل ما يمثلنا من قيم التعاون والعطف والرجولة¿!
بنات يافعات يملأن شوارعنا يمددن أيديهن ويخاطرن بشرفهن تحتضنهن شوارعنا واسواقنا وأطفال عراة تركوا أو دفعوا إلى التسول عرضة لقيظ حرارة الشمس وبرودة الشتاء وكل هذا دون ان تهتز فينا شعرة عطف أو احساس رحمة بمحالهم.
هذه المظاهر رغم عمرها الطويل هي في ازدياد سواء كانوا باعة جائلين من الجنسين أو شحاتين (مطلبين) الحال لم يتوقف عند فئة المهمشين أو غير المؤهلين فها هم الشحاتون والباعة الجائلون من أصحاب المؤهلات المتوسطة والجامعية وبعد أن ضاق بهم الحال وتعبوا من البحث عن فرص العمل وبعد أن أوصدت في وجوههم الابواب لم يجدوا غير البوابة التي تزداد اتساعا لأستقبال القادمين الجدد بوابة الشارع الرئيسي أو أرصفة الأسواق التي حنت عليهم وخصصت لهم مساحات ينبشوا فيها عن ما يسد حاجاتهم للاستمرار في هذه الحياة القاسية.
فهاهم اصحاب المؤهلات الجامعية يقفون في زوايا الاسواق وعلى حواف الشوارع يبيعون الخضار والفاكهه أو يدورون بقناني ومناديل الورق بين السيارات في الجولات.
الظاهرة الاخطر هذا العام أن الشابات قد نزلن إلى الشوارع لمزاحمة الفئات التي سبقتها ورغم ذلك وكأن الحياة بالنسبة لهؤلاء ميدان سباق مع كل انواع المعاناة يأتيهم هذا العام منافس قادم من وراء الحدود.. هذا القادم الجديد ليس ككل القادمين ممن استوعبهم الشادع اليمني هذا القادم منافس قوي يمتلك مميزات ومواصفات لا تتوفر لأبناء البلد هذا القادم من رحم الحالة العربية المتردية من رحم المعارك والدماء التي تسال على أرض الشام الحبيب – سوريا – فلسطين- لبنان – هذا المنافس ذو بشرة بيضاء صافية كقطعة عاج مصقول يستحوذ على انتباه اليمني الذي لم يألف مثل هذا الصفاء في البشرة ولا ما تقطر به ألسنتهم من رقة ولكنة محببة الى النفس بهذه المواصفات صارت المنافسة لبنت أو ابن اليمن في حكم المعروفة نتائجها سلفا.
الدولة وهي المسئول الأول عن هذه الشرائح غائبة بالمرة عن همومهم هذا إن لم تكن في أحيان كثيرة سببا في زيادة معاناتهم فلا جمعيات انسانية تتحمل اعباء هؤلاء ولا شارع آمن يحميهم ولا غني يطلب الاجر من الله في مساعدتهم فمن يحمي فقراء اليمن من ازدياد حالة البؤس ومن زيادة الضغط على الشارع الذي لا يرحم¿