الإرهاب الممول

أحمد الشرعبي

 - قلنا أن التطرف والإرهاب صنوان يكمل أحدهما الآخر في سياق من جدلية نمو الأشياء وترابطها فالفكرة المتطرفة تبدأ على صورة أحكام قطعية تعمل في نطاق فرز المجتمع إلى إطارين مع
أحمد الشرعبي –
قلنا أن التطرف والإرهاب صنوان يكمل أحدهما الآخر في سياق من جدلية نمو الأشياء وترابطها فالفكرة المتطرفة تبدأ على صورة أحكام قطعية تعمل في نطاق فرز المجتمع إلى إطارين مع أو ضد وهي لا تقبل القسمة خارج معادلة الجاهلية أو الإسلام كما هو حال الجماعات المتطرفة في الديانات السماوية وقريبا من ذلك دوغما الايدلوجيا الوضعية.
تنشأ معادلة الجماعات المتطرفة على قطعية الحكم الجاهز والمسبق وتتأسس أحيانا تبعا لمفاهيمها الانطوائية.. والآخر في رأي هذه المفاهيم ليس بالضرورة من معتنقي الديانات المخالفة ولا ايضا القوى الاجتماعية ضعيفة الصلة بالقيم الروحية ولكنها – المفاهيم –تشمل المجتمع المتدين بالفطرة من جنسهاإذ أن إيمانه بالكليات العقدية لا يدفع عنه الأذى طالما لا يقبل الدخول تحت رايتها والالتزام لخياراتها.
تتخطى فكرة التطرف مرحلة التبشير الى التنظير فالتملك الوجودي وفي آخر مراحلها من التقاطع والفرز وانسداد الافق وتحت ضغط وتأثير معطيات التطور تجد نفسها رهن خياري السلاح والاستباحة لفرض قناعاتها وصولا نحو ما تعده حقها المطلق في الخروج على طاعة الدولة العلمانية واقامة دولة الخلافة والأخيرة تشق طريقها الى الواقع عبر مراحل ثلاث التكفير ثم التفجير واخيرا التمكين من عنق المخالف ويد الجائع المدقع.
لقد تطلبت الاجندات الامريكية استشراف الافق المستقبلي للخطر وكان من أهم تدابيرها استدراج المكون السياسي الرئيس لجماعات وبؤر التطرف للوقوع في المستنقع الافغاني بدواعي إسقاط راية الإلحاد وهناك اكتشف الجهاديون بعد طول عناء ان فريضة الجهاد بفتيا امريكية وتمويل عربي مؤقت يفسد الوضوء ليعودوا الى الجهاد إنما نقيض وجهتهم السابقة.
واذ لا تزال احداث 11 سبتمبر 2001م البشعة محل التباس لجهة المستفيد الحقيقي ورائها ألا ان القاعدة اعتبرتها محطة اشهار بوجودها وقد كان.
ومنذ سبتمبر 2001م امتزجت مياه كثيرة بالدم الغزير من ضحايا التطرف ولحق المئات من الابرياء اضرارا جسيمة على حين اكدت الدراسات خطل الاعتماد على الخيارات الامنية في مواجهة الارهاب باعتباره نتيجة وليس سببا اذ السبب يتعلق بالتطرف وعلاقاته الوثيقة بمستوطنات الاسلام السياسي ذو الخبرة في التمويه والمواربة
والآن يمكن القول بان الهدف الابرز من اهداف الحرب على الارهاب بتمثل في تجفيف منابع التمويل المالي للقاعدة خاصة أو ما يوصف بالغطاء السياسي المنتج ثقافة التطرف عموما.
ومن هذه الزاوية نناقش مستجدات الخروج على النص حيث تفاجئ السلطات اليمنيةبعملية اختراق أمني اقتحمت جدار العلاقات الثنائية بين الدول وضوابطها المعلومة وامكنها التفاوض المباشر مع قيادات القاعدة لتنتهي بالاعلان عن تحرير عدد من الرهائن وحصول الارهابيين على الدعم المطلوب لا الفدية المطالب بها.¿
قد لا تستوقفنا الحالة الأخيرة من عملية الاختراق لارتباطها بجهة لم تكن يوما طرفا في نزاع اقليمي ولم تتورط مرة واحدة في البحث عن الشهرة عبر التدخل في سيادة الدول وشؤونها الداخلية بيد أن الواجب يدعونا لاعتبار المفاوضات الأولى مع القاعدة سابقة شجعت على تاليتها وهي لا شك أسست لهذا النمط من التدخلات الأمنية المنفلتة ما يستحث المراقبين على إثارة التكهنات عما إذا كان ثمة ارتباط خفي بين هكذا اتصالات غرائبية و السياسات الامريكية المكرسة لاستقطاب الاصوليات الدينية وايصالها مرحلة التمكين ام هي مجرد محاولة لاختبار الحساسية اليمنية من الاستعراضات الدنكوشية المتخمة فوق عرش بلقيس¿
ويبقى السؤال مثارا..ما النتائج المتوقعة من سياسات الاذعان لمطالب القاعدة اقصد هل ستتحول عمليات الخطف في بلد بمثل ظروف اليمن الاقتصادية الى وظيفة سهلة تستهوي جماعات السلاح من غير القاعدة..
واذن سيكون علينا التأهب استعدادا لنذير شؤم قادم ربما امتد الى ارجآء أخرى غير اليمن لأن الظواهر السلبية تبدأ في نطاق محدود ثم تتسع وتضطرد خبراتها على نحو لم يكن محسوبا¿
وفي حال صحت هذه التكهنات فسيكون الانسب من الخيارات تمويل القاعدة دون الحاجة لغطاء ممجوجيبرر تقديم الاموال بالحرص على افتداء البشر وفقا لمعايير انتقائية يستحيل تفهمها والا فلماذا افلحت الجهود الخيرة في الوصول الى اهدافها وتحرير الضحايا الأجانب!! فيما لا يزال الدبلماسي السعودي تحت قبضة خاطفية من تنظيم القاعدة ولم تستوعبه اهداف الوساطة.¿ ليكون لسان الحال قول الشاعر..
(اشكو العروبة ام اشكو لك العربا)

قد يعجبك ايضا