الدكتور السقاف: بتحقق الوحدة عاد اليمنيون إلى تاريخهم الخاص ولم يكن في الأمر غرابة
حاوره فايز محيي الدين البخاري
حاوره/ فايز محيي الدين البخاري –
في ظل الانعقاد المتواصل لمؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي تتجه إليه أنظار كل اليمنيين يأتي العيد الوطني الثالث والعشرون للوحدة المباركة التي تحققت في الـ 22 من مايو عام 1990م ورغم أهمية هذا الحدث العظيم والعزيز على قلوبö كل اليمنيين فقد رافقته بعض الممارسات التي جعلتú البعض يحمöل الوحدة كل تلك الأخطاء باعتبارها الشماعة الأضعف لكن ومöن خلال الغوص في مجريات الأمور ووضعها في سياقها التاريخي يتبين لنا مكامن الخطأ وكيف تولدتú الحالة الراهنة التي يعيشها الوطن وما مر به من أحداث خلال السنوات القليلة المتأخرة.
حول مجمل ما يمر به الوطن وما رافق الوحدة منذ قيامها كان حوارنا هذا الممتع والشيöق مع الدكتور عبدالرحمن عمر السقاف رئيس الدائرة التنظيمية في الحزب الاشتراكي اليمني وعضو مؤتمر الحوار الوطني الشامل فإلى الحوار :
< 23 عاما من عمر دولة الوحدة كيف تقرأها¿
– الوحدة في اليمن هي صيرورة سياسية تاريخية تمت بأشكال مختلفة ولم تأخذ شكلا واحدا مستقرا ثم إنها لم تشتمل على الجغرافيا اليمنية كلها ومن هنا ففهم الوحدة وحصرها في هذا البعد السياسي فقط يظلم تاريخ اليمنيين ككل وأنت تلاحظ حتى التركيب الجغرافي لليمن لو أخذته بصفة شمال وجنوب فستجد أن الطبيعة الجغرافية في اليمن تكاملية بين مختلف أجزائه وبالذات الشمالية والجنوبية وخير مثال على ذلك الأمطار التي تهطل في المرتفعات الشمالية بعد تبخرها من مياه البحار في الجنوب والشرق والغرب ثم تعود سيولا نحو الجنوب والغرب والشرق فحتى الطبيعة الجغرافية في اليمن طبيعة تكاملية والجغرافيا حتى في الأزمنة السابقة كانت تتحكم بمعاش الناس وتاريخهم وهذا صنع نوعا من التداخل بين مختلف المناطق اليمنية وأسس لوحدة ذات طابع ثقافي حضاري لكن مشى تاريخ اليمن فيما بعد في تطوره السياسي إلى حالة من جغرافيا سياسية ولم تكن هناك دولة سيطرتú على كل اليمن الطبيعي ولو نظرت في الدول التي نشأتú حتى في العصر الإسلامي ستجد أنها كانت متعددة.
< ولكن هناك دولا قبل الإسلام حكمت اليمن الطبيعي من ظفار شرقا وحتى مدينة الطائف شمالا كما كان في عهد أسعد الكامل¿
– كانت موجودة تأخذ أشكالا تحالفية حتى طبيعة التطور التقني والحضاري لا تسمح بسيطرة المركز الواحد لعدم وجود طرق المواصلات والسيارات كما هو الآن فإذا ما حدثتú مشكلة يكون التواصل بسهولة فالوحدة كانت معنوية أكثر من كونها تجسيدا ماديا لشكل دولة.
والمهم في الحالتين أن كل تلك الدول نشأت وهي تأخذ في مساحتها التكوينية أجزاء من الشمال وأجزاء من الجنوب.
ومع الزمن ومع دخول العصر الاستعماري والرأسمالي نشأتú جغرافيتان سياسيتان تحددت بموجبهما حدود للشمال وحدود للجنوب بواسطة الاحتلال العثماني في الشمال والاحتلال البريطاني في الجنوب وهم المسؤولون عن هذه الحدود.
فمن ناحية الجغرافيا السياسية لا تستطيع أن تقول إن الشمال والجنوب كانا واحدا ووجود الجغرافيتين السياسيتين شمالا وجنوبا حتى قبل قيام ثورتي سبتمبر وأكتوبر عامي 62م و63م خلق تمايزا في الثقافة السياسية المعاصرة بين المجتمعين أو الشعبين اللذين كانا موجوديúن.
وحين جاءت الوحدة في فترة كان العالم يتشكل من جديد نتيجة لانتهاء الحرب الباردة وسقوط المعسكر الشرقي ومع انتهاء الحرب الباردة عادت كل أمة إلى تاريخها الخاص كما حصل في يوغسلافيا التي تمزقت إلى دويلات حسب تاريخها الوطني الخاص وثقافتها وقوميتها.
وهكذا فعندما تحققت الوحدة اليمنية فإنما عاد اليمنيون إلى تاريخهم الخاص ولم يكن في الأمر غرابة وتجسدتú في شكل دولة واحدة وبمضمون فكري وسياسي لدى النخبة الحاكمة متناقض بشدة وهذا لم يساعد على الاستيعاب إلى جانب مشروع خاص كان موجودا لدى النخب في الشمال مؤسسا على ثقافة وذهنية ترى نفسها المركز وبقية المناطق أطراف تضم للمركز.
وهذا مخالف للتاريخ نهائيا لأنه لم يكن الجنوب في يوم من الأيام جزءا من الشمال سياسيا ولا الشمال جزءا من الجنوب سياسيا الوحدة السياسية تحققت في 1990م وتحولت اليمن إلى جغرافيا سياسية واحدة.
الأخذ بالأفضل
< وهل المعضلة الرئيسية التي رافقت قيام دولة الوحدة هي اعتبار بعض النخب في صنعاء أنهم الأصل والجنوب هو الفرع الذي عاد لأصله¿
– هذه واحدة من المشكلات لأن في ضوئها لم تبق ذهنية ولكن انتقلت إلى أبعاد عملية.
< وما مساوئ هذه الذهنية¿
– مساوئها أنها أنتجتú حرب صيف 94م وهذه الحرب صمöمتú أولا على أساس إلغاء الوجود السياسي للجنوب واتخöذتú الكثير من الإجراءات التي يقف في مقدمتها إخراج شريك تحقيق الوحدة ال