لماذا تفضل السخواي الموت في حواضرنا¿
جمال الظاهري
جمال الظاهري –
ها هي السخواي (22) أمس الأول تعيدنا إلى الواقع من جديد وتذكرنا بشقيقتها التي اختارت أن تكون النهاية في «شارع الزراعة».
■ قلناها سابقا وسنظل نرددها إلى ما شاء الله : يا أصحاب القرار هناك أمور مهمة وهناك ما هو أهم ومقدم على المهم.
يدرك الجميع أن الوصول إلى حلول للإشكال السياسي أمر مهم والحلول للمعضلة الاقتصادية أيضا مهم وإنهاء الانفلات الأمني مهم ولكن في المقابل هناك أمور يعتبرها العقلاء أهم من خلافاتنا وحتى من مداولات المتحاورين في قاعات مؤتمر الحوار الذي علقت عليه آمال الشعب التي لن ينال منها غير ما سيتصدق به الساسة وأصحاب النفوذ من العسكريين وقادة الأحزاب وأصحاب رؤوس الأموال والمشائخ وأصحاب المصالح الإقليميين والدوليين.
ومع أن الجميع مدركون وواعون ويتحدثون في كل مناسبة عن الأمور الأهم التي تستوجب اتخاذ قرارات وإجراءات فورية من أجل معالجتها إلا أن الفعل الصائب يظل حبيس الشاشات التلفزيونية وفي صفحات الإصدارات المتنوعة لا أكثر.
حادث سقوط الطائرة الحربية «السخواي» التي تحمل الرقم (22) يعيد إلى الواجهة ما مللنا من تكراره من أن بقاء المعسكرات ومنها القواعد الجوية في المدن الكبيرة يشكل خطرا كبيرا على أمن وسلامة المواطنين في هذه المدن لا سيما القواعد العسكرية الجوية التي لا يتوقف خطر وجودها وطلعات طائراتها الحربية القتالية أو التدريبية على أوقات الحروب فقط لأن إمكانية وقوع الحوادث المريعة في مثل هذه الظروف أمر مسلم به وفي كل الأوقات وعند كل تحليق لهذه الطائرات أما إذا أضفنا إلى هذه المسلمات الحالة الفنية والجاهزية لما تحتويه هذه القواعد من طائرات فإن النتيجة ستلزمنا أن نطلق صفارات الإنذار عند كل إقلاع أو هبوط لهذه الطائرات القديمة والمتهالكة.
ها هي السخواي (22) أمس الأول تعيدنا إلى الواقع من جديد وتذكرنا بشقيقتها التي اختارت أن تكون النهاية في «شارع الزراعة».
سخواي أمس الأول كان انتحارها رحيما ففضلت تذكيرنا بالحال دون أن تأخذ في طريقها بعضا من أحبتنا وإخواننا كقربان لتقاعدها.
طبعا هي ليست بالأقل أهمية كي تغادرنا بصمت فاختارت النهاية الصاخبة والضجيج القوي وإن بأقل كلفة من الشهداء فدفنت نصف جسدها في التراب وأبقت النصف الآخر ظاهرا كي يذكرنا بالخطر والموت المتربص بالآمنين في كل لحظة.
ويا حبذا لو أبقيت في مكانها أو في أقرب ميدان للمكان كي تبقى القضية منظورة وكي لا ننسى أننا شعب أصبنا بداء النسيان الذي أفقدنا القدرة على التعلم من هكذا حوادث.
رحم الله قائد الطائرة وجزاه عنا خيرا لما بذله من جهد في تجنيب الأبرياء ويلات الموت والدمار فقد كنا قريبين جدا من كارثة لا تقل عن سابقتها فداحة لولا فدائية هذا الطيار.