دولة التنمية المنفذ الرئيسي للمستقبل

تحقيق محمد راجح


تحقيق / محمد راجح –
خبراء : سياسات هشة أفرزت تنمية مشوهة طوال عقدين من الزمن

كان يتأمل بحسرة معلما اقتصاديا وتنمويا عملاقا إنه مصنع الغزل والنسيج تحول منذ نهاية التسعينيات إلى مبنى مندثر خاو على عروشه وكأنه لم يكن .
وقفت بجانب الحاج عبدالله الوشلي واحد من أقدم عمال هذا المصنع وبدأ يستذكر بحزن تاريخ هذا المشروع التنموي والذي كان يمثل رافدا اجتماعيا واقتصاديا ومعيشيا هاما للناس ونموذجا للمجتمع العامل المنتج الذي يشكل لبنة أساسية لصناعة السياسات التنموية التي تستهدف تنمية الإنسان بالدرجة الأولى.
سألناه عن التنمية وكيف يمكن تطوير حياة المجتمع ومعالجة أوضاع الناس المتفاقمة المتمثلة بالفقر والبطالة وغيرها من المشاكل الاجتماعية المتعددة كان رده مؤثرا يعكس حزنه العميق على هذا الصرح الاقتصادي المتهالك والمندثر والذي يأتي بين الحين والأخر يتأمله ويفرغ شحنات حنينه لعملة القديم باسترجاع الذكريات والأمنيات التي لم تتوقف باستمرار هذا المصنع وعدم توقفه.
يقول : عن أي تنمية يمكن أن نتحدث بعد تدمير المؤسسات والقطاعات التي جعلت الناس يجنون رزقهم من كدهم وعرقهم وما تنتجه يدهم من خلال الصناعة والزراعة والآن ينتظرون مساعدات الآخرين بعد تحول المجتمع إلى عبء ثقيل على الدولة بسبب تفاقم الفقر والبطالة.

تحتاج اليمن لعمل شاق للنهوض بالتنمية وهذا مرتبط بسير العملية التنموية في البلد ويحتاج لفترة زمنية مابين متوسطة وطويلة نسبيا لان هناك صعوبة في أن تخرج هذا العدد الهائل من السكان من دائرة الأمية إلى دائرة القراءة والكتابة وتحديد الاحتياجات التنموية وفقا للتوزيع الجغرافي والسكاني.
ويرى الدكتور محمد الحاوري وكيل وزارة التخطيط والتعاون الدولي ان هناك تراجعا كبيرا حدث في التنمية ويعود إلى الانعكاسات والآثار السلبية لما حدث في العامين الماضيين في بلادنا حيث توقفت معظم المشروعات بما فيها مشاريع التعليم والمشاريع المتصلة بالتنمية البشرية سواء في مجال الصحة أو التعليم أو في مجال توليد فرص عمل للدخل وبالتالي هذه هي أهم الأسباب.
ويؤكد أن اليمن متأثرة فيما يتعلق بتحقيق أهداف التنمية الألفية بشكل عام وهذا ناتج عن قصور في الأداء وفي حجم الموارد المتاحة التي تخصص وتوفر لهذا الجانب.
ويشير إلى أن أي نموذج جديد للتنمية يجب أن يستند للإنسان ولمستوى الدخل وفي هذا الجانب هناك تراجع ملحوظ في الدخل الفردي السنوي للفرد اليمني ونظرا لارتفاع الأسعار ومعدلات التضخم وانحدار فرص العمل هذا كان له اثر بالغ في تراجع دخل الفرد والذي يعتبر من المقاييس الرئيسية لتطور وتقدم التنمية.
ويؤكد أهمية بناء نموذج ورؤية تنموية جديدة تواكب التحولات الجذرية التي تشهدها اليمن في إطار الثورة الشبابية يحمل قضية التنمية بأبعادها المختلفة.
ويضيف أن الإنسان يعتبر أهم مورد في التنمية ويجب التركيز عليه لإحداث أي نهضة اقتصادية واجتماعية وتنموية قادمة.
وطبقا للدكتور الحاوري فأن مفهوم التنمية يتحدد في ثلاثة اتجاهات تتمثل في التعليم والصحة وفرص العمل.

مسارات
تمر اليمن حاليا بلحظة تاريخية غير مسبوقة مدفوعة بقوى اجتماعية عديدة تطالب بتغيير بنيوي عميق يستهدف إحداث نهضة تنموية شاملة للتصدي لمشاكل البلد الرئيسية المتمثلة بالفقر والبطالة.
وفي هذا الصدد يرى خبراء حاجة اليمن لنموذج جديد للتنمية للفترة القادمة وفقا لشكل الدولة الذي سيحدده مؤتمر الحوار الوطني .
ويجب ان تولي مسارات التنمية الجديدة وفقا لرؤية خبراء تحدثوا لـ”الثورة ” أهمية أكبر لقضايا الحوكمة الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والعمل اللائق.
وطبقا لهذه الرؤية فأن مفهوم التنمية الجديد لا يتعامل مع قضية الاستقرار من منظور أمني فحسب وفوق كل شيء لا ينظر إلى التقدم من منظور منفعة السلع والخدمات (مثل نمو معدل نصيب الفرد من الدخل) وإنما من خلال القدرات الجوهرية التي تمكن المرء من اختيار حياة يعتبرها ذات قيمة.
ويشير أستاذ إدارة الأعمال الدكتور احمد مصلح المشولي إلى أن الدولة التنموية قادرة على تحويل الإمكانيات الهائلة والموارد الطبيعية على أي مستوى نظام سياسي إلى قاعدة لنمو استيعابي لا إقصائي يحترم حقوق الإنسان ويحد من الفقر ويخلق فرصا للعمل اللائق.
ويشدد الدكتور احمد على أن البلد منذ قيام الوحدة اليمنية وتحديدا منذ العام الذي تم فيه تدشين برنامج الإصلاح المالي والإداري تنفذ سياسات هشة وضعيفة وعقيمة خلقت تنمية مشوهة وغير مؤثرة في الواقع المالي والإداري والمعيشي.

الإنفاق
يرى كذلك في الإنفاق الاجتماعي استثمارا حقيقيا في المستقبل.

قد يعجبك ايضا