الشعوب تصحو وتخيف!!
جميل مفرح
جميل مفرح –
❊ .. منذ الوهلات الأولى التي انطلقت فيها علامات الرفض والغضب والنفور والانعتاق في دواخل وثنايا الشعوب العربية أعلنت هذه الشعوب المسحوقة أنها لن تظل نهبا في وارداتها وميدانا للتكسب على حسابها ومن دمائها كما كانت في سالف الزمن وتتابع العصور .. لقد اكتسبت الشعوب العربية منذ تلك الوهلة وذلك المفصل التاريخي الهام مناعة قوية ضد كل ما كانت تعانيه من ظلم ومصادرة وتكميم للإرادات المقهورة والمظلومة.
❊ ومن هنا فإنه لمن قصر النظر وعدم الإدراك أن تظل الأنظمة القائمة على هذه الشعوب راكنة إلى ما كانت عليه الأحوال قبل اطلاق صفارة النهاية لأشواط طويلة من الاعتراك خاضها المواطن العربي قسرا مع الظلم والمصادرة والتهميش المطلق حتى في أبسط الأمور والممارسات المتعلقة بحقه في الحياة الكريمة والحرية والعدالة وغيرها من القيم والمعاني التي لا تكاد تخلو منها دساتير وقوانين ومواثيق تلك الأنظمة فيما ما يجري على أرض الواقع لا يكاد يمت لذلك بصلة لا من قريب ولا من بعيد.!!
❊ وأن ما حدث في عدد من الدول العربية من تحركات سياسية وشعبية لا يعدو كونه نتيجة حتمية لهذه الصحوة التي أشعلت وإن متأخرة فتيل انبعاث جديد على كل الأنظمة القائمة اليوم ألا تأمنه أو تستصغره وتحتقره بل عليها أن تقيم له كل وأولى الاعتبارات لئلا تجد نفسها فجأة قشة في أعاصير ورقة في مجاهيل لهبه واشتعالاته .. فالندم حين لا ينفع الندم هو ضرب من الغباء بل هو شكل من أشكال العقاب التي يستحقها كل متهاون ومتساهل وغير مبال.
❊ وإنني لا أخص هنا نظاما دون سواه فربما باعتقادي أن الأنظمة والبلدان التي شهدت أحداثا وتغيرات وتأثيرات بها ربما تكون في مأمن أكثر من سواها .. وعليه فإن على كل الأنظمة العربية اليوم أن تراجع حساباتها جيدا قبل أن يقع الفأس في الرأس فلا يفيد بعد شجه شيء على الاطلاق .. فالثورة في النفوس والقلوب والمشاعر لا زالت تضطرم عارمة وتهدد كل لحظة من حياة وسكون هذه الأنظمة .. ومن هنا فإنه من الحمق أيضا أن تظل البلدان التي نجت في موقف المتفرج البعيد وأحيانا الشامت والساخر فالأحداث والمتغيرات من يوم لآخر تثبت أن المثل القائل بأن ما أمسى في جارك قد يصبح في دارك .. والعبرة اليوم قائمة من كل الأحداث والمتغيرات الجارية على أرض الواقع.
❊ لقد أثبتت هذه الشعوب بالفعل أنها لم تعد تلك الكائنات المغمضة المكممة وأن بإمكانها أن تفعل الكثير والكثير وقد وجهت بصحوتها هذه الكثير من الرسائل الهامة إلى القيادات والزعامات رسائل واضحة بقوة التغاضي عنها أو عدم الخوف منها ضرب من الانتحار الذي حدث قبالة العيون في أنظمة يجب أن تكون عبرة لمن يعتبرون .. ولعل ما يحدث اليوم من تجرد للحراك والتحرك في مصر الشقيقة أيضا رسالة أن الثورة الشعبية العربية ليست مجرد نزوة عابرة قد تنتهي بانتهاء توقيت تلك الهبة الثورية .. بل هي ثورة عربية تتصاعد من الجذور وتقذف حممها بعيدا ليستيقظ النائمون.