المبúدöعون في غرفة الإنعاش !
خالد الرويشان
خالد الرويشان –
أشúعر أن أجمل ما في هذا البلد يذúوى ويتهاوى بالإهمال واللامبالاة . فنانون وشعراء ورسامون ومسرحيون ينكفöئون بالمرض , ويذúبلون بالنسيان .. إنها أروع القلوب تنفطöر بصمت , وأنبل الأرواح تنكسر دونما ضجيج .
أحمد الجابري الشاعر الكبير يذúوى وحيدا نائيا في عزلته في الراهدة .. قلبه العليل الحساس يجيش بالالم ويخفق بالمعاناة بانتظار ديوانه الذي لم يطبع حتى الان ! خمسون عاما في كتابة الشعر .. وصاحب ” لöمنú كل هذي القناديل تضوي لöمنú ” بانتظار ديوانه القابع في المطبعة منذ أربع سنوات !.. يبدو أنهم في طريقهم كي يطفئوا كل القناديل ياشاعري الجميل .. أطفأ الله قلوبهم !.. وأضاء قلبك , وأسúرج روحك بالصبر والشعر !
يحيى عوض شاعر زبيد ونجمها يرقد مشلولا في أحد مستشفيات الحديدة !.. وفيصل البريهي الشاعر الموهوب يتهاوى , وبعد جهúد جهöيد يتم إسعافه إلى الاردن وبأقل القليل !.. بينما يكتئب العزي مصوعي في منزله في الحديدة دون أن يسأل عنه أو يزوره أحد .. العزي مصوعي العاصفة التي لا تهدأ ,.. عصفتú به كارثة إهمال الدولة المشغولة بالحوار والمتحاورين , والقسمةö والمتقاسمين !..
أما الحزن كله , والألم جمöيúعه فهو عند رؤيتك للفنان والرسام العالمي عبدالجبار نعمان وهو يجرúجöر قدميه المشلولتين بالغرغرينا , دون أن يأúبه وزير , أو ينتبه مسؤول , أو يرق أحد !.. بينما تزدحم شوارع المدينة بالسيارات المدرعة لمسؤولين غير مدرعين بحب الوطن وإنسانه الصامت الصابر , ولو كانوا مدرعين بحب الوطن لعرفوا أن قيمة سيارة واحدة من هذا النوع تكفي لعلاج خمسين شاعرا وفنانا!
يحيى السنحاني الفنان الضاحك نجúم الأبيض والأسود .. هو الآخر طريح فراش المرض في منزله .. ومنú يعرف يحيى وحيوية روحه المرحة الساخرة والمقاوöمة , سيدرك إلى أي مدى أصبحت البلاد عليلة مريضة .. حتى تنكفئ مثل تلك الضحكة , وتخفت مثل تلك الشعلة , وتبúهت مثل تلك الابتسامة !.. يحيى السنحاني لا ينكفئ إلا عند الشديد القوي ! ولذلك فزöعúت ويجب أن تفزعوا على كل كريم وعزيز .. وجميل !
الفنان عبدالكريم توفيق , والفنانة أمل كعدل , بح صوتاهما طلبا للعلاج .. وكأنهما يغنيان في مالطة !.. وفي هجير عدن ينتظران ما لا يجيء .. وتحúت غبارö صنعاء يتوúهان بين الوعود والنكث بالعهود !
قبل أيام غادر دنيانا الغبراء الشاعر والإنسان الجميل محمد عبدالباري الفتيح , وقبúله كان قد غادرنا بöلا وداع عبدالله شاكر الساخر , والمرشدي المعلم , وفيصل علوي الملöك , والحارثي الملاك , ومحمد الاخفش بلغ الاحباب , وهاشم علي لون بهúجاتöنا , ومنى علي زفة أفراحنا .. إلخ.
ماتوا جميعا وفي حلوقöهم غصة , وفي صدورهم زفرة .. لقد ماتوا صبرا كما تقول العرب ! والفارق أن منú مات صبرا في القرون الغابرة , مات بين جدران السجن .. أما في عصرنا الراهن فالموت صبرا أصبح الموت قهرا بالتجويع , والنسيان والإهمال .. والظلام !
والخلاصة , أن الإبداع اليمني راقد في العناية المركزة , والمبدعين غأبون في غرفة الإنعاش ! وما الأسماء التي ذكرناها إلا غيúض من فيúض , ودمعة من دموع ,.. وليس لنا إلا أنú نجهر بنداء الاستغاثة , وأنú نجأر بالشكوى لرئيس الجمهورية بعد أن مات نصف الفنانين والشعراء في فترة وجيزة .. والبقية تنتظر !
ليس إلا رئيس الجمهورية يمكن أن يسمع هذا النداء رغم مشاغله وظروفه .. وإذا كانت البلاد شجرة فإن المبدعين أزهارها .. أو كانت حديقة فإن الفنانين ورودها .. وشجرة بöلا زهúر دلالة عقúم .. وحديقة بöلا ورúد هي حديقة مöنú رماد !