أخاف علينا!

عبدالرحمن بجاش


 - لا يقهرني احد مثل ذاك الذي أظل أنظر إليه على انه عنوان للعقل , عنوان للنزاهة الفكرية, نظرته لما حوله تحتوي البلد من رأسه إلى رجله كما يحتوي البحر أحلام وذكريات
عبدالرحمن بجاش –

لا يقهرني احد مثل ذاك الذي أظل أنظر إليه على انه عنوان للعقل , عنوان للنزاهة الفكرية, نظرته لما حوله تحتوي البلد من رأسه إلى رجله كما يحتوي البحر أحلام وذكريات البحارة, وكل من يركبه ذاهبا آيبا , ترى كم هي ذكريات البحر عبر أزمانه عن بشر مروا¿.
يقهرني ذاك الذي اعتبرته بحرا أن أجده يغرق في لفظ مذهبي , طائفي , مناطقي , ولذلك عندما اسأل نفسي : من أنت¿ بمعنى الانتماء المذهبي أو المناطقي , أو الفئوي , أو أو مما أسمعه هذه الأيام , أجيب على نفسي بثقه : أنا إنسان , ومن لا يعجبه هذا عليه أن يلجأ إلى القضاء لمقاضاتي ¿, حين كنت طالبا وفي مدرسة سيف , سمعت لأول مرة ( لغلغي ) فحولتها إلى نكته من كثر ما رددتها حتى ميعتها , وحين سألني صاحبي وأنا أصلي بجانبه وكومة قات تبرز خده : كيف أنت لغلغي وشافعي وتصلي مسربل!, قلت : أنا لا اعترض أن تصلي حتى على رأسك ما يهمني هو أن الرب واحد والقبلة واحدة, فقط كيف تسمح لنفسك أن تصلي والقات في فمك¿ وعاد يسألني : لم أنت لست متعصبا ولا تظهر تعصبك لمذهبك , قلت : يا أخي تربيت في بداياتي الأولى في بيت سمعت فيه والدي وأعمامي يرفعون على رؤوسهم القاضي العلامة حسين الجنداري احتراما وتقديرا وهيبة! ولم اسمع يوما حكاية زيدي وشافعي بالمطلق!, وفي فترة لاحقة عاد إلى هذا الصديق العزيز يقول : يا أخي (بعد حرب صعده الثالثة) كم أحسست بأنني ظلمت كثيرين ولقد ذهبت إليهم واحدا واحد واعتذرت لهم , قلت : كيف ¿¿ , قالها بمرارة: لأنني أحسست بالظلم عندما بدأوا يشيرون إلي ( يا سيد ) حتى وصل الأمر إلى إحالتي إلى التقاعد , ضحكت لأن الأمر لا يشغل بالي كثيرا أن يقال لي شافعي , زيدي , سني , لان نفسي تجاه الإنسان من حولي زرقاء مثل كبد السماء .
هالني ما سمعت من صديق آخر وقد جاء إلى مرعوبا : ماذا أافعل ¿¿- ماذا حصل¿- يهددون ابني بكونه ( …) , فصعقت!, أنا الآن ارتعب لما اسمع من تفاصيل صغيره لكنها بمعنى من المعاني مرعبة ( أنت حوثي , أنت إصلاحي , أنت سلفي , أنت وهابي , أنت تعزي , أنت من مطلع , نحن من منزل , أنت من الحجرية, أنت من صنعاء , أنت قبيلي , نحن متحضرون , انتم متخلفون , أنا عدني , هو حضرمي ………) , فما بال هذا أو ذاك ممن كنت تنظر إليهم على أنهم عنوان للإنسان , يعودون فيتقوقعون في المذهب , في المدينة , في المنطقة , في القرية , في حضن أمه , في الزقاق , في الحارة , والمصيبة أن بعضهم كان أمميا!, أنا شخصيا والله الذي رفع السماء بلا عمد سأظل كما أنا , أنا أنا …أصلي مسربلا , أصلي ضاما , أنا زيدي , أنا شافعي , أنا إنسان , حتى ولو حارب الكون بعضه !, وبالنسبة لعلي وعمر سأظل أجلهما , واضعهما على رأسي , وأقول فيهما ما قاله رسول الله إلى البشرية محمد بن عبدالله , الكريم المتواضع, من قال عن نفسه ( ما أنا إلا ابن امرأة تأكل القديد في مكة), هل هناك أبلغ من هذا¿ وهل هناك أعظم من محمد بن عبد الله, ما بال مثقفينا يستحون¿ ما بال أدبائنا وكبار قومنا يصمتون والتنابز بالمذهب يدق الأبواب!, وقد يوصلنا إلى ما هو أسوأ, ما بالكم صامتون عما سيصل بنا إلى جهنم من اقرب الأبواب … واللهم اشهد بأنني إنسان وكفى .. وليذهب أصحاب العقد إلى الجحيم.

قد يعجبك ايضا