الفضول.. شاعرا ومجددا 4

عبدالرحمن مراد

مقالة


 - الظواهر الأسلوبية في شعر الفضول
( المستوى الأفقي)
كنا تحدثنا عن الظواهر الأسلوبية البارزة في شعر الفضول على المستوى الرأسي للنص وثمة ظاهرة على المستوى الأفقي للنص وكما يرى بيير جيرو في كثابة
( الأسلوب والأسلوبي
عبدالرحمن مراد –

مقالة

الظواهر الأسلوبية في شعر الفضول
( المستوى الأفقي)
كنا تحدثنا عن الظواهر الأسلوبية البارزة في شعر الفضول على المستوى الرأسي للنص وثمة ظاهرة على المستوى الأفقي للنص وكما يرى بيير جيرو في كثابة
( الأسلوب والأسلوبية ) أن المفردات هي جسد الأسلوب والجملة هي روحة , إذا من خلال تركيب الجملة يمكننا معرفة مدى فاعلية اللغة ومعطياتها اللغوية إبداعا وفنا وما أحدثته من انحرافات , ونحن هنا نحاول إضاءة نص الفضول من خلال دراسة خصائصه وإماطة اللثام عن انحرافاته الأسلوبية عن طريق رفد الجسد (المفردة) بالروح (الجملة ) حسب مذهب بيير جيرو حتى تكتمل الصورة وتأخذ إبعادها الفنية وأول ما يلفت النظر في نص الفضول على المستوى الأفقي هو توظيفه للبنية الاستفهامية في قصائده الفصحى التي تتطلع إلى استشراف الغد من خلال معاناة اللحظة والماضي و لذلك نجد ذلك الدافع – أي دافع التطلع إلى الغد – هو محور وديدن البنية الاستفهامية عند الفضول كما نفهم ذلك من قوله:-
أين أشوقنا ¿ وأين هوانا
أين ما كان فرحة تملأ الحس كأنا
فالجدلية هنا بين الثنائية
***
كيف سرنا إلى الدجى من ضحانا¿
بها قد نزلنا الجنانا(43)
(الحضور /الغياب ) حضور
الماضي الذي لا يريده وغياب الحلم الذي كان ينشده من خلال الفعل الثوري الذي حدث في ستينات القرن الماضي و فالغد يستحضر هنا بالسؤال والماضي ينكر من خلاله بل يكاد يرفض امتداده تأمل قوله:-
أي أرض هذه لم تبقö فيها
فالسؤال هنا يكاد ينفجر كطاقة
***
أيدي الأثام للخير حسابا (44)
مذهلة من الرفض , فهو يحمل أبعادا
غير إنسانية ومتجردة من الخير والفضيلة ولا تحضر فيه إلا أيادي الإثم والمأساة والحزن وقد ذاق الشاعر ويلات ذلك في عقد الأربعينات من القرن الماضي ولذلك كان أكثر رفضا لها خوق أن تعيده إلى لحظات ألمه بل وأكثر إحساسا بها بدليل قوله :-
ما لها آلام أرضي كلها
ولماذا أنا وحدي جئت
ومتى القي عليها فاضلا شاغلا
***
لم تجد غير فؤادي وطنا
بالحسö بها ممتحنا
بالصدق فيها الألسنا(45)
فمتواليات أدوات الاستفهام بقدر ما توحي بالحث فهي تحمل في مضامينها الإحساس الفائض بالألم في مقابل الرغبة الجموحة في تجاوزه من خلال التطلع لإحداث البديل الفاضل والعادل الذي يشيع روح الخير في الناس لا روح العجز والفناء والموت كما يوحي بذلك قوله:-
أي مجــــد لكسيح مقعــــــد
أتعب الأسياف مشقا وصليلا (46)
وقوله :-
أي أرض هذه فيها أخ يردي أخاه
طبعها الجارح قد أعطى لقابيل مداه (47)
وقوله أيضا :-
ضاع منكم بصر النفس وما
أينها أخلاقنا تلك التي
***
عمل العينين في النفس الضرير¿
صمم الدهر عليها ورواها¿ (48)
فالغياب هنا غياب قيمي , وغياب رؤية استشرافية لا تكرس الماضي بل تتجاوزه رغبة في الانتقال إلى الأفضل وعلى مثل ذلك يدل توظيف البنية الندائية التي تتجاوز تقليديتها لتصبح فاعلا أسلوبيا ذا دلالات على المستوى الأفقي للنص كما نلحظ ذلك في قوله :-
يا فؤادي كم ظمئنا للندى
لم تجد ظمأتنا فيها سوى
والتعاسات بها مشبوبة
شاع طبع الفأس في أخلاقها
***
وتطلعنا لضوء في النفوس
ظمأ الأحقاد من عهد البسوس
أبدا نشبهها نار المجوس
فمضت تجري حوارا بالفؤوس (49)
فالنداء هنا شخص الصورة من خلال فاعليته الحيوية فيها ورسم واقعا مأساويا تتطلع الذات الشاعرة إلى تغييره , وقد تصبح وظيفة النداء التهيئة لتفريع معنى جديد من المعنى العام للنص كما يمكننا أن نقرأ ذلك في قول الفضول.:-
يا جباه الأتقياء …..
ركعة الإيمان في ظلö البنودö …… نحن من يركعها .
يا قلوب البسلاء….
راية النصر على زحف الحشودö …. نحن من يرفعها
يا نفوس الأوفياءö….
رؤية المستقبل الفخم المجيدö ….. نحن من يصنعها .
يا دماء الشهداء……
بسمة الأيتام في دفء المهود… نحن من يزرعها (50) .
***
فالنداء هنا عمل على تفريع المعنى العام , ليجعل من كل ذلك إطارا نظريا ضابطا ومحددا للمفهوم العام للمنادى خوف أن تشيع الفوضى ويتواكل الناس تبعا لإلتباس المفهوم في

قد يعجبك ايضا