دفاعاً عن العلامة مفتاح

أحمد يحيى الديلمي

أحمد يحيى الديلمي

 

 

هناك إرادات وأشخاص اعتقدنا ردحاً من الزمن أنها عصية على التحول أو التخلي عن المبادئ، لكن الزمن كشف بسرعة أنها نفس الإرادات البشرية المهزوزة المجبولة على التحول إلى النقيض تبعاً للفائدة والمصلحة الذاتية المرجوة، وكأنما ينطبق على الدول ينطبق على الأفراد، فالكل يبحث عن المصالح والمكاسب الذاتية من أين ما كان مصدرها إلا من رحم الله .
وردت إلى ذهني هذه الخاطرة وأنا أستمع إلى ذلك الصحفي وهو يتحدث إلى إحدى قنوات الزيف والبهتان عن العلامة الجليل محمد أحمد مفتاح، ليس الغرابة في أن الرجل حاول الإساءة إلى هذه الشخصية المعروفة ورجل الدين المعروف بمواقفه الحصيفة التي تتسم بالوسطية، لكن الغرابة ظهرت في تناقض مواقف هذا الكاتب وطبيعة تحولاته الخاضعة لمن يدفع أكثر، ولمضمون الفائدة الساذج الذي لا يتحرى عن مصدر المال ولا طبيعة المهمة المطلوبة عند الحصول عليه، فالرجل للأسف الشديد قبل سنوات كان من أكبر المدافعين عن العالمين الجليلين يحيى حسين الديلمي ومحمد أحمد مفتاح عندما تعرضا للسجن والمحاكمة وصدرت ضدهما أحكام جائرة، لكن يبدو أن الدولارات أو الريالات السعودية سرعان ما تُغير النفوس وتُفسد الضمائر، فعقب تكليف العلامة مفتاح برئاسة الوزراء انبرى الرجل في إحدى قنوات الزيف – كما قُلنا – ليقول إن هذا الرجل – أي مفتاح – أول من شكل خلية عمالة مع إيران وأنه تعرض للسجن وحُكم عليه بالإعدام، وهو مخطئ في هذا، فحكم الإعدام صدر ضد العلامة الجليل يحيى حسين الديلمي، أما العلامة مفتاح، فقد صدر ضده حكم بالسجن عشر سنوات، وهذه الأحكام استنكرها صاحبنا واعتبرها جريمة لا أخلاقية، واليوم ها هو يعتبرها من المكارم للنظام السابق لمجرد أنه سُمح له بالعيش في المخا.
إنها مأساة أن تتحول النفوس بهذا الشكل وتصبح مطية لمن يدفع أكثر ونوع العملة التي تُدفع! هل هكذا – فعلاً – أخلاق البعض معروضة دوماً في سوق النخاسة وضمائرهم وقيمهم تكون مطية لمن يملك المال!؟ أقول لهذا الرجل: أنتم لا تعلمون من العلامة مفتاح، فنحن نعرفه منذ الصغر مُذ كان مدرساً بمدرسة الكبسي، فهو معروف بغزارة علمه وأخلاقه وقيمه ومُعتز بالمذهب الذي ينتمي إليه وهو بالفعل المذهب الوسطي القائم على الحق والعدل ، يكفي أنه لوحده ترجم فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بأُسس حقيقية وجعلها أصلاً من أصول المذهب، ممثلة في الخروج على الحاكم الظالم، وهذا ما جعل مفتاح يثأر للإسلام ولنفسه وللمسلمين ويُحاول الخلاص من علماء الزيف، من يتهافتون على المال والمكاسب على حساب أي شيء وإن كان الوطن هو مطية المقامرة وعملية البيع والشراء .
والمطلوب منا جميعاً أن نتحرى الصدق إن أردنا التمسك بأخلاق وقيم الدين، ومعاني الإنسانية العظيمة التي تُربي في النفوس الصدق وتجعله معياراً للتفاضل، كما حث على ذلك ديننا الإسلامي الحنيف في قول الله سبحانه وتعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ) صدق الله العظيم .
هذه الأمنية يبدو أنها صعبة المنال على الذين ارتضوا المقامرة بأعز الأشياء وهي النفوس، والتنازل عن أعظم الصفات وهي القيم، أنا هُنا في غنى عن ذكر اسم هذا الشخص، لأن الكثيرين سيعرفونه بمجرد العودة إلى مقالاته التي كتبها دفاعاً عن العلامة مفتاح والعلامة الديلمي، فماذا نُسمي ذلك الدفاع؟! هل هو من باب المزايدة واستغلال مظلومية الناس لتحسين الشخصية وضمان قبولها لدى الأوساط العامة؟ أم أن هذه النفوس مجبولة على هذا الانحدار الأخلاقي البشع؟ أياً كانت الصفة وأياً كان الموقف، فهي شخصيات هزيلة لا ترقى إلى مستوى الاحترام .
أما العلامة مفتاح فهو رمز من رموز هذا الوطن، وسيظل كذلك لما عُرف عنه من الصدق والإخلاص، ولعلمه الجم الذي ألمَّ بكل مذاهب الإسلام واختار الطريق الذي اختطه لنفسه وعرفته كل المنابر .
وفي الأخير نقول لهؤلاء الذين يتباكون على ما يسمونه الديمقراطية والشرعية، خسئتم ولا نامت أعينكم أيها الجبناء .
أما الشهداء العِظام – رحمهم الله – فقد أرتقت أرواحهم إلى بارئها وهي الحياة التي نتمنى أن ننالها جميعاً من خلال الشهادة، خاصة أنهم استشهدوا على يد أخس عباد الله وهم اليهود إخوان القردة والخنازير، نتمنى الرحمة للشهداء، وللعزيز العلامة مفتاح النجاح في مهامه، وسنكون معه وإلى جواره إن شاء الله، ونختم بقوله تعالى (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ)”المائدة 78″ صدق الله العظيم، والله من وراء القصد ..

قد يعجبك ايضا