تتجدد في الثاني عشر من ربيع الأول ذكرى عظيمة تهتز لها القلوب وتخشع لها الأرواح، ذكرى ميلاد سيد البشرية محمد صلى الله عليه وآله وسلم، الذي بعثه الله رحمة للعالمين، فكان نوره هداية، وسيرته منهجاً، وجهاده طريقاً لإقامة الحق وإبطال الباطل.
إننا ونحن نعيش أجواء المولد النبوي الشريف، ندرك أننا لا نقف أمام مناسبة تاريخية مضت وانتهت، بل أمام حدث متجدد المعاني، حاضر في وجدان الأمة، وملهم لشعوبها في معركتها مع قوى الطغيان عبر كل العصور. إن احتفالنا بهذه المناسبة هو تجديدٌ للعهد مع الله ورسوله، وإعلانٌ صريحٌ لتمسكنا بالهوية الإيمانية التي أراد الأعداء طمسها، لكنها ظلت حية في قلوب اليمنيين، تتوارثها الأجيال جيلاً بعد جيل.
لقد حاول الطغاة والمستكبرون أن يحولوا دون أن تبقى هذه الذكرى العطرة في حياة الأمة، إلا أن المشروع القرآني المبارك الذي أطلقه الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه، وأحياه قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي حفظه الله، أعاد لهذه المناسبة عظمتها ومكانتها، وربطها بالمسؤولية الدينية والجهادية للأمة في مواجهة قوى الاستكبار. ولهذا تحولت فعاليات المولد النبوي في اليمن إلى عنوان بارز لهويتنا الإيمانية، وموسم جامع يظهر فيه الشعب اليمني وفاءه لرسول الله عليه الصلاة والسلام وآله، وإصراره على المضي في درب الحرية والاستقلال.
ليس احتفالنا بالمولد النبوي مجرد اجتماعٍ للابتهاج، بل هو موقف ورسالة؛ موقف في مواجهة أعداء الأمة، ورسالة للعالم أجمع بأن اليمنيين باقون على نهج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. إنه احتفال يترجم ارتباطنا بالمشروع الإسلامي الحق، ويجسد في الوقت نفسه موقفنا الثابت إلى جانب قضايا الأمة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.
إن فلسطين بالنسبة لنا ليست قضية تضامن عابر، بل هي جزء من هويتنا وعقيدتنا، ومعركتها هي معركتنا، ولن نبرح ميدان الصمود والجهاد حتى يتحقق النصر والتحرير. وهنا نجدد في هذه الذكرى العظيمة موقفنا الثابت: أن العدو الصهيوني ومن يقف خلفه لن ينالوا من أمتنا ما دمنا متمسكين بهويتنا الإيمانية، وبسيرة رسول الله العطرة، وماضين على خطى الشهداء.
ومن هذا المنطلق، فإننا ندعو أبناء شعبنا اليمني كافة، رجالاً ونساءً، كباراً وصغاراً، إلى الحشد المهيب في الفعالية المركزية الكبرى يوم الثاني عشر من ربيع الأول، لنعلن للعالم أن اليمن سيبقى بلد الإيمان والحكمة، بلد الولاء لرسول الله، بلد الصمود والثبات في وجه العدوان، حتى يتحقق وعد الله بالنصر المبين.
إن مولد النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم هو مدرسة متجددة نتعلم منها معاني الصبر والجهاد والعزة والكرامة، وهو عهدٌ نبرم فيه كل عام أن نبقى أوفياء لرسالة الإسلام، ثابتين على نهج الحق، صامدين في مواجهة الباطل، حتى يظهر دين الله على الدين كله، ولو كره الكافرون.
– مستشار المجلس السياسي الأعلى