رؤية التنظيم الناصري لمحتوى القضية الجنوبية
نص الرؤية:
في الورقة الأولى المقدمة من التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري إلى فريق القضية الجنوبية في 29 ابريل 2013م تضمنت رؤية التنظيم حول جذور القضية الجنوبية – بموضوعية وبصياغة مركزة – للفترة من تاريخ الاستقلال في 30 نوفمبر 1967م وحتى حرب صيف 1994م حيث وصلت جذور القضية الجنوبية إلى ذروتها خلال الفترة الانتقالية والحرب المشئومة عام 1994م.
وكل جذر له بذر وكل جذر لابد وان يمتد فوق الأرض بشكل لابد وأن تحكمه سياقات الظروف الوطنية والإقليمية والدولية هذا ما أردنا الالتزام به وبالحدود الدنيا لمناهج البحث والتقصي في أصول المشكلات والأزمات الإنسانية ومصادر الصراعات السياسية حول الدولة وأنواع الحكم في كل المجتمعات .
إن أية رؤية سياسيه أيا كان مصدرها محكومة بما يعتقده هذا الطرف أو ذاك انطلاقا من تجربته ومرجعياته وما يتطلع إليه في معادلات القوة والنفوذ وفى أي حوار ديمقراطي لابد وأن يكون الجميع متساوين في ممارسة حق العرض لما يعتقدون دون تخويف وإرهاب.. بل وحقهم مكفول في التوضيح والتفسير إذا اقتضى الأمر ذلك ومن المهم في الحديث عن مضمون القضية المحافظة على الاتساق الذي يفرض نفسه بشروطه الفنية لعملية البحث والتقصي بدءا من محطة البذور والجذور كمنهج وضعته اللجنة الفنية وتمر عبر ما ترتب عليها من نشوء وتخلق للجذع الذي أنتجه الجذر كامتداد موضوعي ونتائج طبيعية لمسار الأحداث التي عاشها الوطن لكنه كان مسار مثخن بأفكار الفيد السياسي والإقصاء الاجتماعي والحرمان الاقتصادي وآثار الحروب وثقافة العنف التي دمرت المشروع الوطني وأتت عليه بشكل سريع حين تحققت وحدة الوطن في الـ22 من مايو 1990م بشكل سلمي.
إن مضمون القضية الجنوبية هام وحيوي في هذا السياق سياق الأزمه الوطنية الشاملة التي عصفت ببلادنا عقودا من الزمن وكان جوهرها أزمة بناء الدولة الموحدة التي ظهرت منذ اليوم الأول لقيامها وحين نرى مضمونها الوطني وتأثيرها على حاضر اليمن ومستقبله لابد وان نرتفع بهذا المضمون فوق المشاكل العارضة التي يراها البعض أو النزاع بين فرع تم ضمه للأصل عند البعض الآخر انه مضمون بناء دولة الوحدة التي قامت بين دولتين بموجب القانون الدولي وأسس قيام الدول المندمجة والاتحادية.
وأي كانت مسؤولية النخب السياسية أو الثورية أو الحزبية أو الجهوية التي أدت إلى ذلك الوضع التاريخي قيام نظامين ودولتين لحكم شعب واحد فإن ذلك لا يلغي حقائق قيام الاتحاد والتنازع بعد قيامه على إدارته وتحقيق هدفه الحضاري الذي ناضل اليمنيون من أجله مائة عام على الأقل.
وفي هذا الإطار الحاكم لرؤية التنظيم فإن المضمون الواقعي للقضية الجنوبية يشير إلى محتوى من العلاقات المعقدة قامت بين ما هو وطني وسياسي واقتصادي وأمني وكلها علاقات امتدت بآثارها إلى ما هو إقليمي ودولي ولا ينكر الجميع الآثار الخطيرة التي جلبته الإضافات الخارجية على النزاعات الداخلية وهي مخاطر من طبيعة أى تدخل خارجي في أي بلد مهما كان حجمه أو موقعه.
والتنظيم الوحدوي يرى أن تلك العلاقات والتداخلات هي التي كونت مضامين القضية في وضعين هامين لا يزال مفعولهما قائما حتى اليوم ومن أرضية وطنية مشتركة وجامعة وهما:
أولا: الإدارة الانتقالية بعد قيام الوحدة للأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية.
ثانيا: إلغاء الشراكة الوطنية في بناء دولة الوحدة بإعلان الحرب يوم 27 إبريل 1994م وما ترتب عنها.
وقد شكلت تداعيات ما بعد الحرب وممارسات الطرف المنتصر اغتيالا حقيقيا للمشروع الوحدوي العظيم من خلال التفرد الشمولي بالحكم وبكل مقومات البلاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والبشرية وكأنها إقطاعية عائلية خاصة حيث ترتب على هذه الممارسات محتوى القضية الجنوبية الذي تتناوله هذه الورقة.
أولا : المحتوى السياسي:
على المستوى السياسي أفضت نتائج حرب صيف 1994م إلى تقويض الشراكة الوطنية والانقضاض على المضامين الوطنية والديمقراطية للمشروع الوطني الوحدوي بالتراجع عن مضامين الاتفاقيات الوحدوية حيث قامت سلطة ما بعد الحرب بإجراء تعديلات واسعة على الدستور شملت خمس وثمانين مادة من إجمالي مواد الدستور البالغة مائة وست وثلاثين بقصد تفصيل الدستور لاستعادة الحكم الفردي المستند إلى مركزية عصبوية يقف على رأسها حاكم يقبض على مفاصل السلطة ومصادر القوة وموارد الثروة.
وتعرضت المحافظات الجنوبية لنهب الأرض والثروات والحقوق وتسريح وتشريد الموظفين مدنيين وعسكريين وخصخصة عدد كبير من مؤسسات القطاع العام وتصفيتها واتساع الظلم وتفشي النهب والمصادرة والاستبداد.
وشاء القدر أن تكون المحافظات الجنوبية هي مناطق حضور ونفوذ الحزب الاشتراكي اليمني بحسبانها إقليم الدولة الشطرية التي كان حاكما لها قبل الوحدة وكذلك استمر ونفوذه فاعلا فيها كما أكدت نتائج انتخابات ابريل 1993م..