مثقف برتبة مرافق

جميل مفرح


جميل مفرح –

– كثيرة هي التبريرات والأسباب التي طرحها مثقفون وأدباء حول غياب الدور الثقافي عما تعتمل به الساحة الوطنية من أحداث ومتغيرات وكثيرون هم الذين التمسوا الأعذار لذلك الغياب بأساليب قليلا ما تقنع كثيرا ما تعجز عن الفوز بطرح الأسباب المقنعة والشافية مهما برع البارعون في طرحها وتنميقها وتذهيبها باللغة والفكرة!!
– ومع ذلك نجد أنفسنا ميالين بصورة ما وإن مرغمين إلى التعاطف مع المثقف وما وصل إليه من تهميش مفتعل أو بالأصح من تفتيت مدروس لموقفه الجمعي المؤثر والفاعل عبر احتوائه وتشتيت قواه الجمعية المؤثرة على تحالفات وقوى شتى متنافرة متضادة بل وقد تكون متناحرة فيما بينها ليجد نفسه تلقائيا شاخصا في وجه نفسه!!
– غير أن الأمر غير المقنع إلبته الخنوع المطلق للمبدع والمثقف الحقيقي بداخل تلك الأسماء والأجساد التي قهرت وغلبت بتلك الحيل التشتيتية التي آتت أكلها لصالح السياسي والقوى السياسية عموما ومحترفي هدم المشاريع الوطنية السوية والسمحاء وأعداء الوفاق والاستقرار وبناء الوطن وقيم الولاء والانتماء التي لا تفارق طروحاتهم اللفظية بينما لا تجد مكانا في خارطة تصرفاتهم وسلوكهم الفعلي!!
– فالاعتقاد السوي والأمر الطبيعي أن كائن المبدع أو الفنان أو الأديب كائن غير مستسلم ولا متوافق مع المصادرات أيا كانت فما بالك أن تكون تلك المصادرات متعلقة بحقه في التعبير عن نفسه عبر منتجه النصي والفكري الذي يأبي أن يشاركه فيه أحد كائنا من كان ذلك الأحد!!
فلم يغب عن الساحة الوطنية المثقف المؤدلج المنتمي إلى سين أو صاد من التنظيمات والأحزاب والقوى فحسب بل تبخر أيضا المثقف المبدع فأعلن بشكل فادح عن غياب مبرراته الواهية للغاية!!
– والذي يتتبع سيجد أن الفعل الثقافي سواء المؤسسي أو الفردي تراجع بشكل غريب ومحزن وباعث على القلق من تفاقم الأمر وتحول المثقف إلى موظف حزبي والثقافة والإبداع إلى وظيفة عامة يطمع فيها العامة قبل الخاصة وهو ما سيولد انتكاسة كبرى لا يمكن تلافيها بسهولة وربما لردح طويل من الزمن حينها يصبح المثقف تابعا مسيرا بشكل مطلق وربما نجده يوما وقد أصبح مرافقا مسلحا مع أحد المشايخ!!
– عموما ما تزال هناك ثغرة في جدار الحاصل اليوم نقتبس عبرها قدرا وإن كان ضئيلا من الأمل والتفاؤل بإصلاح الشأن وعودة المثقف إلى مكانه الطبيعي ومكانته المقدسة التي انتزعها ويحاول انتزاعها في مختلف العصور والأزمنة وأن يعود الفعل الثقافي ليعلن عدم ارتهانه للسطوات المختلفة وعدم ارتباطه السلبي بالانتكاسات السياسية التي تحركها وتوجدها مصالح هي أبعد ما تكون عن اهتمامه وحاجاته المنزهة من النفعية المطلقة والأنانية البشعة والارتزاق المهين.

قد يعجبك ايضا