القضاء حين ينتصر للقيم
عبد الرحمن بجاش
عبد الرحمن بجاش –
حين يختلف الناس حول أي قضية أو مشكلة أو معضلة فيقررون اللجوء إلى القضاء ذلك يعني أن الدنيا لا تزال بخير وأن ينتصر الناس على خلافاتهم باللجوء إلى القاضي معناه أن الناس يؤسسون لحياة قائمة على العدل وعلى ضمان أن الإنسان يكون آمنا – والأمن قبل الإيمان – حين يمشي في الأرض وهو واثق أن هناك قاضيا سينتصر له أو سينتصر لغيره عليه وبالقانون ولذلك فلا فرق بين هذا وذاك إلا بالالتزام واحترام القانون بالخضوع له.
حين كتبت وغيري عن قائمة (هيئة مكافحة الفساد), فبالتأكيد ليس بيننا وأعضاء مجلس الشورى إلا كل احترام, ما قلنا رأينا فيه وحوله يتعلق بقضية عامه هي ملك للناس جميعا وإذا اخطأ هذا راجعه ذاك فإذا أصر طرف على خطئه يكون القضاء هو الفيصل والقاضي من يقولها بقوة القانون (الحق والحقيقة هنا).
لابد لنا أن نذكر أن انتصارات الحياة العظيمة في البلدان الأكثر تطورا يعزوها الزعماء إلى انتصار الحق وسواد الحقيقة – هل نطقتها صحيحة – فحين قيل لديجول عظيم فرنسا: الفساد يكاد يشل الحياة في فرنسا أجاب عليهم بسؤال عظيم: وهل وصل إلى القضاء¿, قالوا له: لا .. ابتسم : لا خوف على فرنسا الآن يحاكم جاك شيراك يعني أن ديجول انتصر . تشرشل في بريطانيا قيل له نفس ما قيل لديجول فنظر إلى الوجه الأخر للعملة: وهل وصل إلى الجامعة¿- لا .. قالها – بريطانيا بخير فمن الجامعة يخرج القضاة العظام.
حين تنظر إلى وجه الماء وتراه هادئا يخلد إلى الراحة فترمي بحصاة بسيطة تبدأ بنقطه فدائرة صغيره فدوائر تظل تكبر حتى تغطي مساحة البركة كلها هكذا هو الحكم الذي أصدره القاضي الجمرة في المحكمة الإدارية, فإن لم يرسل احدهم برأس عصى ما يؤدي إلى تكسر الدوائر ونسكت نحن فيعني أن دائرة الانتصار للحق والحقيقة ستكبر إلى أن تعم الحياة بان نجد أن القضاء الحصن العظيم الذي تتكسر على جداره كل رؤوس العصي ويلجأ المظلوم العام أو الخاص إليه عند أن تخرق قاعات السفن قرب الشواطئ!.
الأمل كبير في قضاة ينتصرون للحق والحقيقة ويبدؤون بتأسيس الحياة التي كلما استقامت خربتها السياسة, ووجهها البشع (المحاصصة) ويجدر القول أن الإنسان كانسان أو موظف عام حين يلجأ إلى القضاء فعلى كل مكونات الحياة أن ترفع صوتها مباركة ومرحبة, لا أن تظن أن المعركة – إذا صح التعبير – شخصية لابد للواحد أن ينتصر فيها حتى بخرق قاع السفينة .. ولله الأمر من قبل ومن بعد.