الانتصار لمكانة المرأة وتمكينها
حسن أحمد اللوزي

حسن أحمد اللوزي –
{ قضية التمكين للمرأة وفكرتها الإنسانية العادلة تبلورت بصورة واضحة في الأدبيات السياسية والاجتماعية المهمة للأمم المتحدة في النصف الأخير من القرن المنصرم وتوجه نحو تحقيقها جل نضال الرجل والمرأة في عالمنا المعاصر وصارت هذه القضية الحية المتنامية تجد لها صورا إيجابية من الترجمة العملية والالتزام السياسي والتطبيق في العديد من الدول بينما لا زال الكثير منها متأخرا لأبعد الحدود في مجال التطبيق الكامل والشامل لأسباب عديدة ومتنوعة يتعلق البعض منها بالمعتقدات الخاطئة والتقاليد البالية بل والظروف الثقافية والاجتماعية المتخلفة التي ما زالت تصيب المزيد من المجتمعات بالجمود والرزوح في براثن التخلف والتقهقر إلى الوراء.
ولا شك أن واحدا من العوامل الخطيرة في التخلف السائد والمهيمن على بعض المجتمعات يعود إلى التعطيل القسري لنصف طاقة تلك المجتمعات كما تمثله المرأة وسيادة الأفكار والتصورات المتخلفة حولها والتوهم الأعمى بامتلاكها لطبيعة مغايرة للرجل وليست مختلفة عنه وحسب.
ولا شك أيضا أن الإرث الخطير الذي ما زال يثقل كاهل تلك المجتمعات يسوق ويروج له وكأنه جزء من التعاليم الدينية للأسف الشديد.
وبسبب ذلك وغيره عانت المرأة ألوانا من العذاب والويلات والاضطهاد كما هو مدون في التاريخ الاجتماعي المظلم للبشرية وشهدت تطبيقاته المريرة في الجاهلية والعصور الوسطى في القارة الأوروبية.
ومع ذلك لا بد لنا أن نفخر ونشعر بالاعتزاز المطلق للمكانة الرفيعة التي أعطاها ديننا الإسلامي للمرأة سواء بالقياس للديانات السماوية السابقة أو لما كان سائدا في التاريخ القديم والمراحل الأخرى القاتمة ولا شك أنها ذات المكانة المستحقة لشقيقها الرجل «فالنساء شقائق الرجال لهن ما لهم وعليهن ما عليهم» وهي في ذات المنزلة من التكريم بل ولها الدور الأهم والأخطر باعتبارها الركن الأساسي في بنية الخلية الأولى في المجتمع «الأسرة» دون صرف النظر عن حق القوامة المناطة من حيث المبدأ برب الأسرة.
والنصوص القرآنية واضحة التفسير والجلاء في قضية المساواة الكاملة بين الرجل والمرأة في تحمل مسؤولية الاستخلاف لله على الأرض وفي حمل الأمانة والتمتع بالثقة الربانية الكاملة عملا وتعبدا وصلة وثيقة بكافة التعاليم الدينية والأحكام الحياتية وجوبا وحرمة وندبا وإباحة كل ذلك دون أن يعتور طرفا الوجود الإنساني السوي أي استثناءات من تلك التي توهمها المتأثرون بمخلفات الثقافات البدائية والنزعات المتزمتة.
نعم.. لقد أحدثت الرسالة السماوية الخاتمة كما بلغ بها الرسول الأعظم والنبي الخاتم عليه أفضل الصلوات والتسليم أعظم ثورة اجتماعية عرفتها الحضارة الإنسانية في مواجهة الظلم والعبودية والجهل والطغيان والتفرقة والاستعباد فقد انتصر الدين الحنيف للمرأة وتمكينها.. وفي النظرة الإلهية الحاسمة للإنسان رجلا كان أو امرأة.. وللكرامة الإنسانية «ولقد كرمنا بني آدم» (كلكم لآدم وآدم من تراب) كما بالنسبة لكافة القيم والمبادئ الإنسانية السامية المتمثلة في الإخاء والمساواة.. والحرية والعدالة قبل أكثر من ألف عام ونيف من القرون قبل ميلاد وثيقة حقوق الإنسان ووثيقة الاستقلال في الولايات المتحدة الأميركية ومبادئ وأهداف الثورة الفرنسية.. وكل ما نظر حوله الفلاسفة والمفكرون والعلماء وما سطروه من شهادات منصفة في هذا الحقل الواسع الذي نكتفي بما أشرنا إليه لنصل إلى جوهر الهدف المنشود من هذه اليومية وهو التطلع من الاخوة والأخوات أعضاء مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذين بيدهم حسم هذه القضية بصورة يقينية وجلية لا تقبل الالتباسات بالنسبة لصيانة ما تحقق لها من حقوق ومكتسبات والعمل على تعزيز مكانتها وتمكينها وتطوير دورها في المشاركة والندية في مواصلة بناء الحاضر وصياغة صورة المستقبل.
المطلوب باختصار هو العمل على تثبيت نصوص واضحة ومتقنة الصياغة في التعديلات الجديدة على الدستور وخاصة في محتوى الأسس السياسية والثقافية والاجماعية والحقوق الإنسانية وكل ما يتصل بقضية المساواة المطلقة بين الرجل والمرأة والحقوق والواجبات والتأكيد بأن خطاب الإنسان والمواطن هو خطاب واحد موجه للرجل والمرأة على حد سواء في كافة القوانين والتشريعات وأن تتوجه التوصيات العامة في كل ما يتعلق بهذه القضية نحو منح جملة من الاستثناءات المرحلية لصالح المرأة وتمكينها من تحمل المسؤولية سواء داخل الدولة ومؤسساتها الدستورية أو داخل المجتمع ومؤسساته المدنية وبما يجعل من الأحزاب والتنظيمات السياسية في موقع ال
