روحي التي خرجت

علي البشيري

 - هي المرة الأولى التي يأتي عيدها السنوي وهي غائبة عن الحياة الدنيا غائبة عني بجسدها الطاهر لكنها حاضرة بروحها في عقلي وقلبي ووجداني طوال الليل والنهار.
علي البشيري –
هي المرة الأولى التي يأتي عيدها السنوي وهي غائبة عن الحياة الدنيا غائبة عني بجسدها الطاهر لكنها حاضرة بروحها في عقلي وقلبي ووجداني طوال الليل والنهار.
كيف أنساها للحظة واحدة وهي من ظلت ترعاني منذ كنت جنينا في بطنها حتى آخر ثانية في حياتها.
أمي لكم أنتö عظيمة سهرتö الليالي من أجلي وإخوتي جöعúتö لنشبع وسهرت لننام وحزنتö لنضحك وتحملتö قسوة الحياة من أجلنا أنفقت كل ما لديكö من مال وذهب لأولادك كان بإمكانكö أن تجمعي المال وتشتري به حليا أو بيتا مثل أختكö الصغيرة لكنكö فضلتö أبناءكö على نفسك حتى الكفن اشتريته من مالكö الخاص وحتى الحج رفضتö أن ينفق عليك أخوكö الثري قلت له يا مهدي أريد أن أحج من مالي الخاص وبعتö له جزءا من الأرض.
لم يكن لديكö طموح إلا رضا الله وسعادة أبنائك ومساعدة الأرحام ما زالت عمتي الكبيرة تتذكرك وتنهمر دموعها كالسيل الجارف.
أمي منذ فارقتö الحياة لم أجد طعما للحياة أشعر أن روحي خرجت معك لأنها جزء من روحك بل هي روح واحدة أحس أني أعيش جسدا بلا روح فيما أنتö تعيشين روحا بلا جسد لم يعد حطام الدنيا عندي يساوي شيئا.
أتذكركö في الصباح والمساء عند الذهاب والإياب وعند الصلاة والدعاء تكونين أنتö حاضرة يا أغلى الحبايب كيف أنساكö وأنا عشت طفولة رغيدة كان بعض الأطفال في قريتي “بني بشير” يحلمون بشراء البسكويت فيما كنت توفرين لي وإخوتي بسكويت الميزان بالكراتين والويفر أيضا.
كيف أنساكö وأنتö تتعاملين معي وأنا في الأربعينيات من عمري مثل ابني محمد وأحمد وكأني طفل صغير مثلهما ظل عقلك مشغولا بي “علي أين ذهب علي تأخر علي تبدو مريضا أو متعبا علي جائع” وأحيانا أجد يدك تمتد إلى جبهتي لتقيس درجة حرارة الجسم!وعندما أكون مريضا تعلنين حالة الطوارئ.
ما زلت أشعر بالحسرة عندما علمت أنكö كنت تبكين عندما سافرت قبل خمسة شهور إلى أمريكا رغم أني لم أسافر إلا بعد أن أذنتö لي قص لي أبي حالك فبكيت صدقيني لو أني عرفت أنك ستحزنين وتبكين لما سافرت.
أمي أعرف أنكö لن تقرأي هذه السطور التي لن تفيك حقك لكني أشعر أن روحكö الطاهرة تشعر بي وتحس بما في داخلي لم أشترö لك هدية هذا العام انهمرت دموعي عندما وصلتني رسالة يمن موبايل لم أستطع أن أتمالك نفسي أمام صديقي العزيزين توفيق الحرازي وعبدالله تامة وبكيت كالطفل الصغير الذي فقد أمه في مكان ما أعرف أن دمعي لا يقدم ولا يؤخر لكنه تعبير رمزي عن فراق من وضع الله الجنة تحت قدميها.
أستودعك الله يا أمي ومهما افترقنا لسنوات أو شهور أو أيام إلا أني اسأل الله أن يجمعني بك في الفردوس الأعلى وأن يثبتني بالقول الثابت كما ثبتك وجعل آخر كلامكö «لا آلة إلا الله» فهنيئا لكö الفوز والنجاح فلله ما أخذ ولله ما أعطى ولا حول ولا قوة إلا بالله.
albasheri72@gmail.com

قد يعجبك ايضا