الحصبة .. خرابة كبيرة.. والتعويضات أضاعت طريقها!!

استطلاععبدالله كمال


استطلاع/عبدالله كمال –
كل شيء في المكان يبدو متوجسا لا شيء يدل على أن ثمة حياة طبيعية في هذا الحي الذي كان من أكثر أحياء العاصمة زخما وحيوية !! حالة مسيطرة من الخوف تلف الشوارع.
الحصبة من أي الجهات أتيتها يكون أول ما يستقبلك هو آثار الدمار الذي لحق بمنازل المواطنين والمباني والمرافق الحيوية فلا تملك إلا أن تستحضر ما قاله الشعراء القدامى في الوقوف على الأطلال ..
آثار المتارس لا تزال باقية كما لو أنها تنتظر دورا لها في القادم.. والمسلحون يجوبون المنطقة بأسلحتهم المتنوعة ..
وأنت في الحصبة أينما وليت وجهك في المكان تجد نفسك محاطا بالرعب من كل الجهات.. فآثار الدمار وانتشار المسلحين بالإضافة إلى خلو الشوارع من الحياة إلا بعض الأفراد الذين لا يجرؤ أحد منهم على الخوض معك أكثر في تفاصيل حياتهم المأساوية ومنهم من يحذرك وينصحك بعدم المغامرة والتصوير كل ذلك يجعل مهمتك صعبة ومحفوفة بالمخاطر.
حالة حصار
السبعيني محمد حسين السلطان من سكان الحي .. التقيته جالسا على عتبة بيته المكون من طابقين والذي ناله ما ناله من آثار المواجهات التي اندلعت في المنطقة كمن ينتظر الفرج يذهب ذلك الكهل بتفكيره ربما إلى مدى لا يمكن أن يدركه من يراه لأول وهلة..
ألقيت عليه التحية فردها بأحسن منها وحين عرفته على نفسي وما أتيت من أجله إلى الحي رحب بي وقال: “احنا نشتيكم تجوا الصحفيين وأصحاب التلفزيون والإذاعة والكل تشوفوا الوضع الذي احنا عايشين فيه والمعاناة التي نعانيها..”
على عتبة بيته المنهك من آثار الحرب جلست معه وبدأ يشرح لي كأني لم أسمع بهذه الحرب أخبرني بكل براءة ما الذي حصل بالتوقيت عند بدء المواجهات يقول الحاج محمد: اشتعلت النار من جميع الجهات وقتل من قتل وتهدمت بيوتنا وتشردنا نحن وأطفالنا دارت فوق رؤوسنا مواجهات عنيفة لم نشهدها لا في أحداث ثورة 26 سبتمبر ولا في حرب السبعين يوما ولا في غيرها الانفجارات لم نسمع مثلها أبدا من قبل.. لقد تضرر كل من كان يسكن الحصبة من هذه الحرب فحتى الذي سلم من القتل أو الإصابة فقد مرض من جراء الانفجارات العنيفة والآن الحال كما تراه نعيش حالة من الحصار” لو نشتي كدمة ما نسير نديها إلا من التحرير ” لا مطعم ولا مخبز ولا محل غاز ولا غيره .. الماء والكهرباء والتلفون كلها كانت مقطوعة وبجهدنا نحن الساكنين أعدنا الكهرباء والماء والتلفون لايزال مقطوعا أما الدولة فلم تلتفت إلينا ” الدنيا قافرة والناس راحوا لهم واللي يجي يفتح دكان يجلس يومين ويرح له لأن مابش من يشتري منه مابلا احنا أهل البيوت”.
كلما طلبنا من المسلحين أن يفرجوا عنا يكون ردهم “ولا تدخل الدولة إلا بعدما يدوا التعويض ” يردف الحاج محمد ” طيب احنا مضمنين بالتعويض !! لو كانوا سيشترون بيوتنا فنحن مستعدون لبيعها لهم فأرض الله واسعة نحن كنا الدروع البشرية وتعرضت بيوتنا للقصف وقتل منا من قتل بسببهم أنا أصبت أثناء انفجار صاروخ أمام بيتي وبقيت في المستشفى العسكري أربعة أشهر “.
بالمرارة ذاتها يضيف: أنا طبعا ليس لدى راتب وكانت إيجارات الدكاكين التي تراها الآن مغلقة أسفل بيتي هي دخلي الوحيد الذي أعتمد عليه والآن لا أملك شيئا أعيل به أسرتي لقد بعت كل ما أملك ولا أدري في قادم الأيام كيف سأتدبر توفير احتياجاتنا الضرورية .
يختتم الحاج محمد حديثه الغارق في المرارة بقوله: عشنا هنا ثلاثين سنة لم يسبق أن دق لنا أحد بابا أما الآن فلا أحد يجرؤ على رفع رأسه بالمختصر تخرج من بيتك ورأسك في يدك ما هو الحصار هذا ¿!
ويضيف: “مطلبنا الأول والأخير هو تعويضنا ورفع المسلحين من الحارة كي تعود إليها الحياة كما كانت.
حالة متدهورة
الكثيرون فقدوا أعمالهم وغدوا عاطلين عن العمل.. والأمل أيضا.. المواطن علي عبدالله مهدي الحيمي أحد سكان الحصبة كان يعمل قبل الأحداث مندوبا لفرزة الحصبة والآن حسب تعبيره ” من مطعم إلى مطعم ندور لنا لقمة ” يقول: ” حالتنا (متوهدرة) وكل يوم تتجه للأسوأ ما يعلم بنا إلا الله منطقتنا محظورة لا أحد يعرف ما الذي ينوون عمله بها.. ببساطته يتساءل: ما بش من ينتبه للحصبة¿ لا الرئيس ولا الحكومة ولا أحد¿! ..
ويضيف علي الحيمي الذي لا يخفى على من يلاحظه للوهلة الأولى ما يعانيه من ضيق العيش: تعبنا والله ولو نلقى أين نسير ما نجلس في هذا المكان” .
السوق شريان الحياة
عبدالله الزعيم – أحد سكان الحي – التقيته يحمل على كتفه طفلا في الثالثة من العمر تقريبا قال لي: هذا ابن الشهيد أحمد ولدي الذي استشهد هنا أثناء المواجهات بينما كان ذاهبا لشراء خبز للبيت.
وتحدث لي بشيء من التفاؤل قائلا: الحمد لله أحوالنا بدأت تتحسن نوعا ما مقارنة بالفترة السابقة فلقد عشنا لفترة طويلة بلا ماء ولا كهرباء الآن بج

قد يعجبك ايضا