الإدارة مفتاح الحل..وأمي أدرى!
عبدالناصر الهلالي
عبدالناصر الهلالي –
يجمع الاقتصاديون على أن حسن الإدارة هي مفتاح الحل لجميع المشاكل الاقتصادية التي تعيشها البلد..ليس الاقتصاديين وحدهم من يجمعون على ذلك..أمي أيضا كانت تقول لي رتب نفسك وأصرف بقانون..أمي لا تعرف عن القانون شيء وقصدها كما كان يبدو لي أن أصرف دون تبذر مع أن هذا التبذير سيضرني بمفردي وسينعكس هذا على أفراد أسرتي فقط سلبا لكن من يبذر بالمال العام ..حتما سيضر بمئات الآلاف من الموظفين وسيضر باقتصاد بلد بأكمله.
كنت دائما أقول لأمي بسبب حرصها الشديد (وهذا مطلوب كثيرا في وضع كهذا) “تنفعي أن تكوني وزير مالية ومتأكد سلفا أن خزينة الدولة ستفيض في أقل من عام”..مشكلة أمي أنها أمية غير أنها قادرة على تصريف المنزل خلال عام بأقل المصاريف دون أن ينقصنا شيء أو نحس أننا عايشين على البركة..حفظك الله يا أمي..عندما أخبرها أن البلد تعاني من عجز اقتصادي..هي لا تفهم ..ماذا يعني اقتصادي¿..لكن عندما أفهمها أن هذا يعني أن الخزينة فارغة من المال..ترد في الحال”تقول وين يودوا الفلوس”أجيبها” آه يا أمي ما يعرفوش يصرفوا البلاد كما تصرفي البيت خلال عام بنفس المال الذي تحدديه دون زيادة أو نقصان”حفظك الله يا أمي على الدوام..كم أنت عظيمة وصبورة..لو أنهم يفعلون كما تفعلين ما رأينا عجز قط وما رأينا فقرا قط وما رأينا جوعا قط وما رأينا أحلاما بائرة وواقع مطعون في نزاهته.
أمي أيضا لم تكن تفرق بين أبنائها التسعة..لا فرق عندها بين العيال والبنات..عدالتها مقياس التربية لنا جمعيا..على الدوام حريصة ألا تجامل واحد على حساب الأخر وألا تظلم أحد لمجرد خطأ أقترفه أو رأي معارضا لما هي مقتنعة به..أمي تدرك جيدا أن الاختلال في العدالة يؤدي إلى مشاكل شتى وأسوأ هذه المشاكل غرس الحقد في قلوب المظلومين وإحداث خلل في المكون الاجتماعي بشكل عام. معقول أن تكون الأم الأمية أكثر إدراكا لهذا كله ومن يديروا وزارات ومؤسسات البلد لا يدركون هذا..ما أعرفه على الأقل أن التعليم يخرج البلاد من الظلمة إلى النور..لا يخرجها من النور إلى الظلمة .. كم هو مخز أن يكون العلم والثورة في هذا البلد وفي عقول النخبة من أبنائها ظلمة في الطرقات والسير في طريق النور الذي أردناه لم يأت في ذات ثورة.
أومن يقينا أن العقبات كثيرة لكن حسن الإدارة والتدبير هي من تخارج البلاد.. فقط نريد من الجميع الإيمان بضرورة العمل بإخلاص ونزاهة..حينها سنخرج من عنق الزجاجة التي تكاد تنفجر بما فيها وإذا لم تستطيعوا سأسأل أمي……ماذا تفعلون¿