المرأة اليمنية ما بين الحداثة والمحافظة … (رؤية ثقافية)

خالد القزحي

 - لما قال عليه الصلاة والسلام "رفقا بالقوارير" كانت نظرته ثاقبة لأنه لم يكن يتكلم من فراغ. جاء الإسلام وهذب الإنسان ككل (ذكورا وإناثا), وترجمة هذا الحديث إلى واقع ملموس ينطوي معه فهم الحديث بمعناه كنص له دلالة وله مرجعية ثقافية وبالأخص اجتماعية واضحة
خالد القزحي –
لما قال عليه الصلاة والسلام “رفقا بالقوارير” كانت نظرته ثاقبة لأنه لم يكن يتكلم من فراغ. جاء الإسلام وهذب الإنسان ككل (ذكورا وإناثا), وترجمة هذا الحديث إلى واقع ملموس ينطوي معه فهم الحديث بمعناه كنص له دلالة وله مرجعية ثقافية وبالأخص اجتماعية واضحة ولا يجب الأخذ بالمعنى اللغوي لكلمات نعتبرها مقدسة ونهمل معانيها الواسعة. ما دامت المرأة قد اتصفت بالرقة الجسمانية بسبب البنية الجسدية فمن المؤكد انها ستوصف بالرقة ككل وهذا يجعلنا نتذكر هذا الحديث مرارا. وفي نفس الوقت فهذا الحديث يوصي بالنساء ولا يقلل من شأنهن , هو لا يعطي السلطة المطلقة للرجل ولكنه يخاطب الرجل كونه اجتماعيا الأكثر ماسك للسلطة. لست ضد السلطة بعينها ولمن يتم إعطاؤها ولكني ضد استغلالها تحت أي مسمى, أحيانا باسم الدين وأحيانا باسم العرف القبلي أو التركيب الاجتماعي.
ليس كل من ملك السلطة يحق له أن يتسلط.
الفرق بين السلطة والتسلط كان سؤالا موجها لي من أحد الأقارب الذي ينصب اهتمام دراسته الأدبية في نفس الموضوع. كان سؤال الأستاذ/ ماهر القزحي : ماذا تعني السلطة الذكورية وما علاقتها بالتسلط الذكوري¿. وكان ملخص الحوار الذي دار بيننا هو أن التسلط يستغل السلطة الممنوحة أو المأخوذة من قبل الرجل ضد المرأة تحت أي مسمى كان واستغلال ثقافة المجتمع وبعض تفاسير النصوص الدينية ليحقق الرجل هذا التسلط وسميناه استغلالا لإنسانية المرأة وحقوقها كإنسان قبل أن تكون امرأة. الدراسات النسوية العربية والتي يمكن أن نصنفها إلى إسلامية وراديكالية حاولت التمييز بين أن تحصل المرأة على حقوقها وبين أن تتساوى مع الرجل في جميع الأمور. الإسلامية تقيدت بالحصول على الحقوق والعدالة الإنسانية, بينما الراديكاليات (كردة فعل جذرية ضد التسلط الذكوري العالمي وبحسب نظريات – تكون غالبيتها غربية) طالبت بالمساواة الكاملة وإعادة صياغة التاريخ وإعطاء الحرية الشخصية بشكل تام.
بمجرد قراءة الجملة الأخيرة سيبدو أن التقبل الاجتماعي وحسب النسق الثقافي للفكرة سيتساهل نسبيا مع النسويات الإسلاميات وخاصة في بلدان كاليمن رغم عدم وجود منظرات في هذا المجال ولا حتى من نستطيع أن نسميهن (نسويات Feminists).. أحدد اليمن بالذات كجغرافيا لها ميزتها وصبغتها المحافظة (بشدة) وكلمة محافظة قد تأتي مع كل شيء, إلا أننا مباشرة ننظر إلى معنى الحجاب و الجلوس في البيت ونوع العمل إن تم السماح أصلا لذلك أن يحصل, وبالرغم من أن تقبل النسويات والناشطات لحقوق المرأة الإسلاميات سيكون أقل إثارة من النظريات الراديكالية لـ جوديت باتلرو هيلين سيكسون الأمريكيتن او سيمون دي بوفوا الفرنسية ذي النظريات الراديكالية والتي تستحيل حتى أن يقبل المجتمع اليمني بالنظر إليها .. سيثير غضبهم عندما يعرفوا أن تلك المنظرات النسويات الإسلاميات يتهمن التفاسير وعلماء الدين بعدم العدالة في إيصال رسالتهم والبعض منهن يقمن بالطعن في أن الدين لم يكن ليظلم المرأة وإنما كون كل المفسرين والتابعين لهم والعلماء ذكورا جعلهم يضعوا الصبغة التسلطية الذكورية في مجتمعاتهم داخل كتبهم وتفاسيرهم ونظروا للدين بعين واحدة وأهملوا عين المرأة كجزء لا يتجزأ من التشريع السماوي. والبعض منهن طالبن بإعادة التفاسير برؤية موحدة تطبق قول الله تعالى (خلقكم من نفس واحدة) دون التمييز بشكل أو بأخر إلا في ما هو نص واضح. صراحة لن أحاول أن أكون مع أي من الفريقين رغم اقتناعي المتجذر لكثير من الأشياء التي أراها تظلم المرأة اليمنية شكل قسري وسافر وكمثال يكفي أن معظم المجتمع اليمني يخجل حتى من ذكر اسم أي امرأة من دون الحاجة للمبالغة الموجودة في قول كلمة (عزك الله ) وكلمات مشابهة مهبطة لمكانة وإنسانية المرأة اليمنية.
الآن في القرن الواحد والعشرين أصبح للمرأة عالميا وعربيا شأن معين تستطيع أن تتكلم عن نفسها وتدافع عن حقوقها بفعل العلم والعولمة والإعلام بشكل أعم. وهنا سأحاول أن أختم هذا المقال المختصر الذي يعبر عن امتعاضي لما تلقاه النساء في اليمن من انتقاص على الصراع الحاصل بين الحداثة والمحافظة في اليمن وتأثير هذا الصراع الدائم على تكوين مكانة المرأة اليمنية في مجتمعها المحافظ.
إن الصور النمطية حول مفهوم كينونة وقدرة المرأة قد بوتقت المرأة تاريخيا في عملها المنزلي والاعتناء بأنوثتها مهملة إنسانيتها وقدراتها التي كان يمكن أن يتم الاستفادة منها في عملية التنمية التي لها مرد

قد يعجبك ايضا