اليوم أول العبور إلى يمن المستقبل !!
كتب فيصل مكرم
كتب/ فيصل مكرم –
لسنا غرباء في ما بيننا .. يمنيون نحن في كل أزمنة الأزمات .. كلنا أبناء وطن أثخناه جراحا وآن لنا أن نعيد له بعض حب من الإيمان .. ليس هناك من خيارات أمام اليمنيين يمكن الإتكال عليها لتنقذ وطنهم مما هم عليه من خلافات سوى خيار لملمة الصفوف والجروح وترميم النفوس .. وفي لحظة فارقة من تاريخنا المعاصر يبدو الإستثناء كارثيا ومخيفا وهو خطير بكل معانيه وتفاصيله .. حزبيون ومستقلون .. مثقفون وأميون .. شماليون وجنوبيون الجميع يمنيون في كل أحوال الصراع وتحولاته وهم كذلك في أزمنة الاستقرار والتعايش السلمي بين ظهراني وطنهم وفي كل الأزمنة والتقلبات .
اليوم كل اليمنيين تشخص أبصارهم وأفئدتهم إلى مؤتمر الحوار الوطني .. كل آمالهم بوطن آمن ومستقر معلقة على مخرجات المؤتمر وكل تطلعاتهم في الانتقال بوطنهم إلى الدولة المدنية رهنا بما ستئول إليه فعاليات المؤتمر في قادم الأيام والأسابيع المقبلة وحيث تتجلى إرادة شعب تكمن الحقيقة التي تكون محطة انطلاق مسيرة الوطن إلى رحاب مستقبل تتكيف مساراته مع أحلام أبنائه وتواكب متطلبات العصر ومتغيراته .
جرب اليمنيون كل جنون الصراع وفنون التخلف عن المستقبل .. وهم في متواليات الزمن الراهن جربوا تكسير مفاصل بعضهم بعضا .. وخاضوا في أزمات من صنعهم معارك سالت فيها دماء زكية وزهقت خلالها أرواح كوكبة من خيرة أبناء وطنهم وشبابه غير أنهم ــ حين يكون وطنهم هو من هزم في كل معاركهم ــ لم يتذوقوا حلاوة نصر ولم تتعاف جروحهم .. جرب اليمنيون كل جنون صناعة الأزمات ولم يتقنوا فنون التملص من مخاوف الإنزلاق بوطنهم إلى الفوضى والتشظي والخيارات القاتلة .
اليوم يخوض اليمنيون بكل مشاربهم وتوجهاتهم وانتماءاتهم تجربة جديدة إذ يعقدون مؤتمر حوار وطنيا شاملا غير مسبوق في تاريخ أزماتهم وجولات صراعاتهم .. وحيث يجتمعون على طاولة واحدة يتوجب عليهم إستشعار مسئوليتهم الوطنية والتاريخية فهم يعقدون مؤتمرهم تحت سقف وطن ليحددوا مسار مستقبله ومستقبل شعبهم وأجيالهم القادمة .
اليوم تتجه أنظار العالم إلى مؤتمر الحوار الوطني في اليمن .. الجوار العربي والمحيط الإقليمي والدولي ينظر إلى هذا المؤتمر كطوق نجاة لبلد له أهميته على صعيد استقرار المنطقة وعلى عديد أصعدة ترتبط بمصالح دولية كبرى وفي زمن ثورات الربيع العربي لايزال الربيع اليمني محط إعجاب العالم فيما انتهى إليه من توافق بين أطراف الصراع على تسوية تجنب بلدهم مخاطر «صوملة» أخرى .. كان التوافق السياسي والشعبي على الرئيس عبدربه منصور هادي لكي يتولى قيادة اليمن بعيدا عن الأمواج المتلاطمة أول خطوة على الطريق الصحيح .. حمل الرجل كل أعباء الماضي بأزماته وتعقيدات ملفاته الشائكة .. كانت ــ ولا زالت ــ التركة ثقيلة غير أن الرجل أدرك بأن عليه القبول بتحمل مسئولية إنقاذ وطنه من الدمار والفوضى والحروب .
لم يكن الرئيس هادي مستعدا لهكذا موعد مع الأقدار غير أن ثقة شعبه وثقة العالم دفعته إلى القبول بتحمل المسئولية كخيار دونه الخيارات الأخرى كارثية وهاهو اليوم بعد عام ونيف على تقلده مسئولية قيادة وطنه يرأس مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي يبني عليه اليمنيون كل آمالهم وتطلعاتهم في الانتقال بوطنهم إلى الدولة المدنية الحديثة وإلى مستقبل تسود فيه العدالة والمساواة ويتحقق فيه الأمن والأمان ويتجاوز اليمن من خلاله كل موروثات الماضي ويستعيدون وطنهم الذي أنهكته الأزمات وأثقلت كاهله الصراعات .
اليوم ينبغي على كل أعضاء مؤتمر الحوار تناسي الماضي والتخلي عن كل الاحتقانات السياسية والمناطقية والحزبية والمذهبية .. عليهم أن يخوضوا الحوار بروح يمنية خالصة يرمون كل موروثات الماضي خلف ظهورهم ويتحلون بروح الصبر وقيم التسامح والتصالح والتعاطي مع كل قضايا الوطن ومظالم الشعب بصدور وعقول مفتوحة ذلك أنهم اليوم جميعا يتحملون مسئولية إنقاذ اليمن وتطبيب جروحه الغائرة ومسئولية التعبير عن إرادة شعب في وطن مستقر ومستقبل أكثر إشراقا.