عتاب الأحبة!!

حسين العواضي


 - 


{ ذات صيف قادتنا مهمة صحفية إلى شواطئ ترابيا ضاحية مدهشة لمدينة اسطنبول الرائعة ورشح لنا المرشد التركي المرافق أحد المطاعم الراقية : هنا تجدون أطيب أنواع السمك إياكم
حسين العواضي –

{ ذات صيف قادتنا مهمة صحفية إلى شواطئ ترابيا ضاحية مدهشة لمدينة اسطنبول الرائعة ورشح لنا المرشد التركي المرافق أحد المطاعم الراقية : هنا تجدون أطيب أنواع السمك إياكم أن تغادروا دون أن تتذوقوا طعامنا البحري اللذيذ.
> وحين احتللنا مقاعدنا في صالة الطعام بادرنا صاحب المطعم بسؤال تقليدي : من أين أنتم¿ وببراءة وبلاهة وبلادة أيضا – صرخنا ثلاثتنا بصوت واحد : من اليمن!!.
> هز مضيفنا رأسه ودون طلباتنا وبعد لحظات أطفأ الموسيقى الغربية الصاخبة وأطلق لجهاز التسجيل العنان لتنطلق منه موسيقى هادئة شعرنا بعذوبتها مزيجا من الرهبة والألفة والحزن.
> ألحانها الشجية ليست غريبة بها شيء من إيقاعات الزوامل الشعبية ومهايد قوافل الملح وأغاني الرعاة في سفوح اليمن الشاسعة.
> استمعنا للأغنية الشجية بلهفة ودفعنا الفضول إلى سؤال صاحب المطعم ما جذور هذه الأغنية وما حكايتها¿ وهل تترجم لنا إلى الإنجليزية بعض مقاطعها.
> أخذ مضيفنا يترجم كلمات الأغنية بصعوبة وقد غطت ملامح وجهه الجدية الصارمة والحزن النبيل :
– أيها القوافل المغادرة لماذا أنتö حزينة¿
– يا ذاهبون إلى جبال اليمن هل لكم من عودة قريبة.
– لماذا تتركونا أيها الرجال وتذهبون إلى هناك.
> ثم أطلق تنهيدة عميقة وفسر هذه الأغنية تحكي رحيل قوافل رجالنا إلى بلادكم بعضها عادت وبعضها لم تعد حتى اليوم.
> وحين ألقينا نظرة يمنية فاحصة على فاتورة الحساب وجدنا أرقامها طويلة وأصفارها كثيرة ودفعنا بغيض وحرقة.
> لكننا حين ابتعدنا – بما فيه الكفاية – عن بوابة المطعم مازحنا مضيفنا الطيب¿ أيها التركي الذي لا ينسى لقد ثأرت منا وتقاضيت دöية أجدادك الذين ذهبوا إلى هناك.
> هذه مقدمة – مزاح – وبعدها يمين ما فيها ضمين أننا نحب اسطنبول ونفاخر بما حققته تركيا من نهضة باهرة صارت مفخرة لكل المسلمين في أنحاء العالم.
> لكننا نغضب فنعتب : لماذا تهرب المسدسات التركية إلى بلادنا بهذه الكميات الهائلة¿ ولماذا كلما وصلت دفعة من هذه الأدوات القاتلة لحقتها دفعة أخرى¿
> لماذا الذين نحبهم ونجلهم يبعثون لأطفالنا لعب الموت بدلا من أن يهدوهم الشوكولاتة التركية الشهية¿
> يا رجب يا شعبان يا سيد أردوغان اضبط سوقك إن ذنب كل طفل يمني تغتال براءته مسدساتكم السوداء ذنبه معلق في رقبتك إلى يوم الدين.
> أحباؤنا الأتراك – الحلوين – كل شيء في الحياة كان الفرح والحزن نرجو أن تسامحونا بسخاء وتبحثوا لمسدساتكم المرعبة عن مقبرة أخرى.
> نعتب بحب وحزن وأسى على المذكورين أعلاه أما إيران فحكاية أخرى لأنه بعد سفن الموت لا صحب ولا عبث وربنا يطيل عمر القطط ويقصف عمر كل منú يريد لليمن شرا أو مكروها.
آخر السطور
للشاعر محمد المنصور :
الأصدقاء الذين مضوا
كانوا هنا
أراهم جيدا
أحلامهم التي تركوها
رمادا هادئا
باتجاه ليل لا يتسع لوسائدهم
أين يضعوا رؤوسهم المبللة بالخجل¿

قد يعجبك ايضا