الساسة المتلونون

زكريا حسان

 - 

لا بارك الله عملا أفضل وسائله الكذب والمراوغة وأشهر قواعده الانحناء للعاصفة والسير مع التيار وغيرها  تلك هي السياسة بمهارتها وحيلها ومعاييرها المزدوجة والمتقلبة التي دوخت الشعوب وأخفت
زكريا حسان –

لا بارك الله عملا أفضل وسائله الكذب والمراوغة وأشهر قواعده الانحناء للعاصفة والسير مع التيار وغيرها تلك هي السياسة بمهارتها وحيلها ومعاييرها المزدوجة والمتقلبة التي دوخت الشعوب وأخفت الحقائق الساطعة أمامهم وباعتهم الوهم وزينت في عيونهم العيوب.
وفي هذا البلد المغلوب على أمره صقلت الأحداث مواهب الساسة وزودتهم بخبرات التلون مع الوقائع والتماهي مع الأحداث واتخاذ إله لكل مرحلة يبجلونه ويعظمون شأنه حد الإسفاف والمبالغة والسفه حتى إذا سقط أو انتهت المصالح معه تحول المديح إلى ذم والتقرب إلى استعداء.
ثورة الشباب جعلت الناس ترى العجب العجاب والتناقض المضحك المبكي في مواقف بعض جهابذة السياسة فمن كانوا أحباب الأمس يحلفون بحكمة وعظمة وعدل قادة الماضي انقلبوا إلى أعداء يجاهرون بالعداوة ويلعنون أخطاء وانتهاكات وجور الماضي الذين تناسوا أنهم كانوا دعائمه ليس من العيب أو الجرم أن تتغير المواقف وتتبدل القناعات لكن المقزز أن يكون هناك تطرف فيها فتنتقل من أقصى اليمين إلى أقصى الشمال والأبشع أن لا يكون هناك قناعات في الأصل لأصحاب تلك المواقف أو الاتجاهات وإنما المصلحة هي من تحكم وتوجه.. قدرات السياسيين الخارقة على المتاجرة بالمواقف جعلت الناس تقتنع أن ثورة الشباب لم تأت بجديد فالوجوه التي رأوها بالأمس تقف في طوابير التصفيق قفزت من السفينة الموشكة على الغرق وانسلخت من ذاتها وبسرعة مذهلة استطاعت بما تملكه من مهارة على التسلق تصدر الصفوف الأولى للثورة وتغيب وجوه الثوار الحقيقيين والبحث عن غنائم أو استرداد مكانة أو منصب حددته هتافات الثوار.
كره الناس السياسة وملوا وجوه الساسة المتسلقين التي لم يغيرها تغيير ولم تثور بوجهها ثورة.

قد يعجبك ايضا