مواصفات .. وموت في ” علاقيات “

خالد الصعفاني


 - البداية تحذير من جمعية حماية المستهلك من تناول عصائر " غوار " السفري , وتحذير آخر من شراء جبنة " الأطفال " المثلثة .. أما النهاية فموت بطيء أو " مجاني " في بلد الإنسان فيه في أدنى سلم الأولويات وأقل الاهتمامات
خالد الصعفاني –

البداية تحذير من جمعية حماية المستهلك من تناول عصائر ” غوار ” السفري , وتحذير آخر من شراء جبنة ” الأطفال ” المثلثة .. أما النهاية فموت بطيء أو ” مجاني ” في بلد الإنسان فيه في أدنى سلم الأولويات وأقل الاهتمامات ..
صدقوني .. نحن شعب “عرطة” في كل شيء , وحتى لا تذهبوا بعيدا أنا أقول هذا وأنا أحد أبنائه وأتشرف بالانتماء لهذه الأمة التي كانت يوما عظيمة .. لكن مراجعاتي لمشاهد ما نستهلكه تجعلني أجلد ذاتي وغيري بنفس المستوى ولكنني أتمناه ذاك الجلد الذي للعلاج وليس لمجرد العقاب أو الجلد ذاته ..
ندرج إهمال عمليات التوزيع والتوصيل عبر المطارات والموانئ والبر داخليا أو خارجيا ضمن المغيب الذي لا يعمله إلا الله ونقول : كل مغيب طاهر – يعني كل مغيب صالح للاستخدام .. منتجات يومية ضعيفة المناعة أمام أشعة الشمس أو حتى مجرد التخزين السيئ ,,
ومع ضعف الرقابة على المنتجات الداخلة للبلد لاسيما ما هو غذائي منها , ومع بقاء ظروف عمليات النقل والتخزين رهنا بذمم أهلها يكون اليمني معرضا أكثر من غيره في العالم -عدا الكثير ممن ينتمون للقارة السمراء- معرضا للمخاطر ..
ولأن الحالة المادية صعبة للكثير وتحت ضغط المناسبات يقع اليمني أكثر من غيره تحت طائلة المنتجات نصف الآدمية .. وعليه أن يتقبل شراء هذا المنتج الغذائي أو الكمالي لأن من حقه أن يعيش الجو وأن يكون مع الناس وهم يحتفلون بالتبضع من أجل حاجة أو مناسبة ..
أضف إليها منتجات كثيرة مضرة بالصحة تحذر منها المواصفات والمقاييس لكن الدور الحكومي اللازم غائب وكأنها اكتفت بتحذير المقاييس على غرار سقوط المسئولية على شركة السجائر بمجرد كتابتها تحذير أن السجائر سبب مباشر للإصابة بأمراض القلب وتصلب الشرايين ..
أنا أتساءل عن ماهية الإمكانيات التي تملكها هيئة المواصفات والمقاييس وهي تضطلع بهذا الدور الهام في الرقابة أو التوعية إذا أردنا أن نكون أكثر دقة .. إلى أي مدى يقوم أهل المواصفات والمقاييس بأمانة دورهم وحرصهم .. ما الدعم الذي يجدونه من الحكومة وما مدى تعاطي الهيئات الأخرى في مؤسسات الدولة من إعلام وجمرك وصناعة وتعليم مع الهيئة وأنشطتها وبرامجها ..
أقول دائما أن السوق يعج أكثر من أي وقت مضى بملايين قطع الملابس المستخدمة والحراجات المتنوعة , وما نجهله عنه أكثر من المعروف .. جدوى المنتج , من أين جاء وكيف دخل وهل ينفع الناس حتى يباع في أسواقهم ..!!
بالمناسبة .. أتخيل أن البعض من الداخل أو في الخارج يريد تحويل اليمن إلى مكب نفايات بالنظر إلى حالة إغراق السوق المحلية بالسلع ربع ونصف المنتهية الصلاحية أو الخارجة عن نطاق التقييس ودائرة المواصفات ..
وطبعا لا فرق بين تلك السفن التي تحاول أو تنجح في الدخول لليمن محملة بالأسلحة المتنوعة أو تلك التي تحمل مواد غذائية فاسدة وغير صالحة للاستخدام الآدمي وربما الحيواني على اعتبار أن بعض الحيوانات تمرض وتسقط بسبب فاسد الأكل ..
وحينما يصرخ رئيس مجلس الاعتماد الأكاديمي وضمان الجودة بوزارة التعليم العالي عبر الصحيفة الرسمية الأولى بأن خمسين جامعة حكومية وأهلية تأسست دون توافرها على الحد الأدنى من الجودة , فإن مشكلتنا مع الجودة أصبحت ظاهرة ووصفها بالخطيرة أقل ما يمكن لأننا هنا نتعلم عن التعليم العالي , يعني زبدة راسمي المستقبل وبناة الأجيال ..
وللأسف .. الشيء الوحيد الذي نلتهمه بشره دون الالتفات إلى مواصفات الصلاحية هو القات .. نشتريه في “علاقيات” ونتناوله في السوق بالأيدي حتى وإن كان البعض منا يحاول تخفيف الضرر بغسله ما قبل المقيل وتصفيف ما قبل الالتهام ..

قد يعجبك ايضا