النــص الجـــديـــــد .. العملية البنائية والممارسة الإبداعية
فارس البيل

فارس البيل –
ينفذ النص الجديد إلى مساحة الضوء عبر تقديم ذاته باعتباره نصا عابرا للأنواع أو كأنه يهدم تلك الرؤية التي تقيد وجوده أو ستشكك في ولادته وكينونته ذلك لأن الأنواع أو الأجناس الأدبية عبر مراحل تطورها مارست جدالا واسعا وطويلا وخاضت عديد سجالات حتى أثبتت لها مكانا ورؤية وشكلا ..وما تزال تبايناتها وآثار تشكلها وأبعاد تأثيراتها ومؤداها ينفذ عميقا في محيط الأدبية وتحدث من التشظي والإجهاد المدافع عن بروزها أكثر من جهود إبداعها وعلى حساب مؤداها وحضورها الفني وقيمتها الجمالية والإيحائية.
والنص الجديد ..كما عبر عن نفسه في بيان صادر عن ملتقى النص الجديد الذي أقامته مؤسسة أروقة وانعقد بالقاهرة في الفترة 4-7/2/2010م ومازال ينعقد لتجلية الفكرة ذاتها حتى اللحظة .. مقدما نفسه “باعتباره نصا عابرا للأنواع والفنون مستوعبا إياها تارة ومتجاوزا إياها تارات فهو نص عصي على التصنيف يتبلور بعيدا عن المجانية و التهديف معا ولأن الآلة أصبحت شريكا فاعلا في كتابة النصوص وليس مجرد وسيلة أو وسيط فقد أصبح الوعي بالنص الإلكتروني حقيقة واقعة تجعل من النص الجديد بالضرورة نصا تفاعليا خارج الزمن وأكثر يومية من اليوميات وهو مع ذلك نص شعبي يتلبس الشاشة والورق معا بمعنى أنه نص مزدوج الكتابة والتلقي وينطلق من رؤى صعبة التلخيص يتجلى في أربعة أنواع من النصوص (حتى الآن على الآقل )1ــ نص التأسيس /قصيدة النثر الإلكترونية / النص الأم . 2ــ نص الموبايل 3ــ النص الجماعي (نص الانفلاتات )4ـــ النص الرقمي المحض (التفاعلي ) أو الهايبر تكست”.
مما يعني أن كل نوع إبداعي يتوالد يبدأ بالتسلح للدفاع عن وجوده وشرعنة حضوره أكثر من تسلحه بأدواته الإبداعية وتشكلات ملامحه ومنافذ إبداعه وقدراته.وبتراتبية هدمية مسبقة يسعى النص الجديد للعبور فوق الأسلاك مسويا طريقه من زاوية خلخلة المركزية في الإبداع والريادة الفردانية ..متكئا على معادل المستقبل بفضائه المفتوح الذي لا يقيم وزنا للمركزية الإنتاجية ..ويدخل الجميع في فيض واسع من الانتاج الإبداعي والتبادل المعرفي السريع ويتطور فيه مستوى المبدع ومستوى القارئ من جهة تطور الوسيط والناقل بينهما وتعدده وتشعب طرائقه بما يحيل الإنتاج الإبداعي إلى حالة من الانثيال الهائل كالسباحة في الفضاء تغدو فيه عملية الإنتاج الإبداعي والخلق والقراءة عمليات معقدة وذات أبعاد وارتدادات مختلفة وجديدة.والنص الجديد إذ يقدم نفسه ناعتا إياها بالجöدة ..سيقع من حيث الوسم في إشكالية المرحلة أو ما يمكن أن نطلق عليه الفضاء الزماني له. هل عليه أن يميز نفسه بأدوات انتاجه باعتباره منوطا بها كعملية إنتاج وكما أوضح بيان النص الجديد ذاته أن الوسيط أو” الآلة أصبحت شريكا فاعلا في كتابة النصوص وليس مجرد وسيلة أو وسيط “..أم أنه يريد من هذه الجöدة أن يقدم نفسه بوصفه حداثة ثالثة كما أراد هو في ذات البيان متحاشيا أو مضمرا وقوف الدالة المستمرة فيما عرف بما بعد الحداثة وما بعد بعد الحداثة أو ما بعد بعد بعد الحداثة منطلقا في ذلك من فكرة مؤداها أنه إذا كان مفهوم ” النص ” وليد القرن العشرين فإن هذا المفهوم الجديد الذي بدأ في الظهور منذ أواخر القرن الماضي والذي بدأ يحتل موقعا خاصا في الدراسات الأدبية والإنسانية في بدايات القرن الحادي والعشرين يمكننا من الذهاب بدون خوف المبالغة إلى أنه سيكون بدوره المفهوم المحور في مختلف أدبيات هذا القرن.وليست المعضلة هنا بقدر ما ستفرض عليه هذه التسمية ما كان يسعى لهدمه أو تحاشيه بعيدا عن سلطة الأنواع وتصنيفات النظرية الأدبية واسقاطات النقد الحديث.فهل الجديد هنا هو أن النص جديد ¿ و مختلف ¿ وعملية بنائه وقراءته تحمل شكلا مغايرا ومتفردا ¿..أم أن النص المعني وبحسب البيان ذاته :” شكل جديد ( مع رفض كتابه مصطلح الشكل ) مع امتلاكه خصائص قصيدة النثر أو بالأصح معظمها متنازلا عن كثير منها إلا أنه نص إلكتروني تجعلنا إلكترونيته نركز السهم في عين نص الميديا أو النص التفاعلي والذي هو جزء من هذا النص الجديد إن النص الإلكتروني الذي تقصد إليه مقاربات النص الجديد نص قائم على كل أسس وخلفيات المكتوب الحامل لثقافة العصر وقناعاته و تسليماته بالتغيير والعبورية /الأصل “.وبذلك فإن معالم الجöدة في النص الجديد لا تخرج عن الآليات الجديدة لإنتاجه وعملية التفاعل القرائي والإنتاج التشعبي والتعديل فيه. وهو في ذلك ما يزال يمت بصلة قريبة لقصيدة النثر وبصلة أخفى إلى النوعية الأدبية عموما بتشكلاتها المختلفة ولو بتجلياتها و إضماراتها.إن التأسيس على النص باعتباره جديدا قد يكون له اتساق ما مع التطور العصري والتشكل التقني المتطور يوما بعد يوم ..لكنه سيدخل النص في مسائلات عن