النص الأدبي ما بين الإبداع و الثقافة السلبية

خالد القزحي

خالد القزحي –
مازال سؤال الأستاذ محمد منصور في قناة اليمن اليوم في حلقة خاصة عن دور اتحاد الأدباء في الحوار الوطني (قضية اليمن الآنية ) يدوي في أذني حتى اللحظة التي بدأت كتابة هذا المقال حين سأل رئيس اتحاد الأدباء فرع صنعاء : الأستاذ محمد القعود حيث كان السؤال يقول : ما رأيك بالأدب السلبي الناتج في الأحداث التي أخذت مكانها مؤخرا في اليمن ¿ و بحيادية تامة و بغيرة واضحة على الأدب أجاب الأستاذ القعود بامتعاض من السؤال أنه لا يوجد أدب يسمى بالسلبي . كان خطاب السؤال منطقي بفكر سياسي و لم يكين الغرض منه إلا استخراج اعتراف رئيس اتحاد الأدباء بكلمة (أدب سلبي) و لو من باب محاولة انتزاع أي جملة يتهم فيها الأستاذ القعود فئة من الأدباء بالسلبية في أعمالهم أو مواقفهم السياسية, و لكن الإجابة أغلقت باب النقاش في هذا الجانب داخل الحلقة و فتحت لي العديد من الاستفسارات التي ما برöحت أتحقق من كونها أسئلة تحتاج لإجابات مطولة أحاول أن أختصرها في هذا المقال.
إجابة الأستاذ القعود واضحة بعدم الرغبة في الخوض في تشويه لفظة أدب بإلحاق لفظة سلبي إليها .. ففي كل الأحوال الكل أبدع في كل الأطراف السياسية, و إبداعهم محسوب لزيادة رصيد الإبداع الأدبي اليمني و كما يقال “الأدب السيئ هو أيضا أدب جيد” لآن له خطابه و فكرته حتى و إن كانت مؤدلجة. فمثلا كمدرس لا استطيع أن أمتنع عن تدريس رواية (Robinson Cruiso) للراوي دانييل ديـ?و كمثال لرواية القرن الثامن عشر و أقول إنها تعتبر سلبية لأنها دعاية للرأسمالية الأوربية و سيادة الرجل الأبيض و الترويج للاستعمار, سيكون هذا استهتارا مني بكلمة أدب حتى و إن كان يسيء لي كشخص و كمجتمع, فلمسات الإبداع موجودة في جمالياته و أسلوب إتقانه كعمل أدبي عالمي يؤهله ليكون أدبا راقيا و جيدا مهما كانت الخطابات المبطنة في أحشائه., و أيضا لا يمكن أن ننعت بعض نصوص الأدب العربي بالسلبي كقصائد الهجاء التي يفتخر بها الأدب العربي قديما و حديثا رغم حشوها المفرط بالسياسة السلطوية أو الطائفية حديثا من أطراف عدة, تعتبر إبداعا ملموسا مهما كان منافيا لما نعتقد ..بالتالي يمكننا الحكم على أهدافه و أسبابه بالسلبية و لكن ليس النص الأدبي عينه!
إذن كان الأحرى بالسؤال المذكور أعلاه أن ينتقي كلمة أخرى غير اتهام الأدب بالسلبي لأن ما يجعله يبدو كذلك ما هو إلا التعارض الذي تسببه النظرة و الرؤية المتحيزة لفكر معين. فمثلا القنوات اليمنية أصبحت نفسها نصوصا ذى خطاب سياسي بحت مهما حاولت تغطية هذا الأمر و مع هذا لن أقول إن هذا يسمى إعلام سلبيا لأني أنظر إلى مواد الإعلام على أنها نصوص أدبية مرئية و مسموعة و لا تنتمي للواقع بشيء إلا أنها تنتقل من واقعيته ليتم حشوها بأيدلوجيات معينة و ترجع إلى المتلقي كنصوص تم إعادة تصنيع واقعيتها بما يتلاءم مع سياسة المصنع الإعلامي. هذه ليست فكرة و إنما نظرية ثابتة أكدتها الكثير من الدراسات في المجال الإعلامي حيث أكد جون فيسك في كتابه (Television culture: popular pleasures and politics, 1987:p13) أن ” النص (التلفزيوني) يعتبر مظهرا من الصراع من أجل المعنى الذي يعيد إنتاج صراع الاهتمامات بين المنتجين و المستهلكين للمنتج الثقافي. أي برنامج تلفزيوني قد تم إنتاجه عن طريق الصناعة و يعتبر نصا بـ/ وعن طريق قرائöه”. و كما يذكر ادوارد سعيد “لا يوجد هناك نص بريء” يخلو من أيدلوجيات, لهذا يحبذه البعض بينما يعتبر مشوها أمام البعض الأخر. و هذا ما قصده السؤال بصبغة سياسية و كانت الإجابة منطقية و مقنعه إلى حد كبير لا يوجد ما يسمى بالأدب السلبي و لكن يمكن أن نقول إنه تم إيجاد ثقافة غير محبذه أنتجت هذا النوع من الأدب بجميع أنواعه خاصة (الشعرية و التلفزيونية و المقالاتية التي أصبحت أكثر من نقل للحقائق) و من جميع الأطراف. أكثرها مهنية هي أكثرها حشوا للسياسات و أكثرها إبداعا هي أكثرها تخيلا, وأكثرها ترويجا و تأثيرا هي أكثرها استخداما و استغلالا لعواطف المتلقي (الجمهور).
هناك ثقافة سلبية تم خلقها مؤخرا و لا نستطيع أن ننكرها و تمركزت على العنف الكلامي (ليس بمدلول سارة ميلز “القوة الناعمة” في كتابها الذي تتحدث فيه عن اختلافات الخطاب) بل على مبدأ الدموية و إثارة العنف بمسمى الثورات أو الأزمات حسب ما يعتمد عليه كل فريق. هذا العنف الكلامي تم صياغته بأسلوب أدبي لينتج نصوصا أدبية على شكل أشعار متحدية و قصائد غنائية متنافية مع بعضها البعض ما دمنا نرى الساحة اليمنية الأدبية ككل لا يتجزأ بشكل حيادي! تقارير إخبارية و تحليلات سياسية على مستوى الصحف و التلفزيون و الراديو متضادة مع بعضها البعض بسبب الاختلافات السياسية. أستطيع أن أقول رغم كل سلبيات هذه الظاهرة الثقافية و تأثيرها على المجتمع اليمني إلا أنه يعتبر إبداعا أدبيا دراماتيكي له موضوع و له خطاب و يجب أ

قد يعجبك ايضا