(2-2)البردوني‮ ‬واليمن‮.. ‬وطن‮ ‬يؤلفه الكلام‮

‬هشام علي‮ ‬بن علي


‬هشام علي‮ ‬بن علي –
كسر البردوني‮ ‬الإطار التزييني‮ ‬للتاريخ‮ ‬رمى زجاج القمرية الملون بحجر‮ ‬رافضا‮ ‬تلويناتها ونمنماتها التاريخية‮ ‬فتح نوافذ شعره لضوء الشمس الساطع حتى‮ ‬يصل الى أقبية التاريخ وسراديبه المجهولة‮.‬
وحين جاءت ورقة من التاريخ لتسافر في‮ ‬ارض اليمن‮. ‬رحل الشاعر قبلها ليدلها على خطوط الزمن‮ ‬التي‮ ‬رسمت ملامحها على الأرض وعلى وجوه الرجال‮. ‬تبدأ الرحلة مع تلك العروس التي‮.. ‬امتطت هدهدا‮ ‬وطارت آسيرة‮ ‬بداية‮ ‬غرائبية للتاريخ‮ ‬وصورة معكوسة الدلالة‮. ‬الطيران رمز للحرية‮ ‬لكن هذه العروس اليمنية تطير لتصبح أسيرة‮. ‬هذه مأساة اليمن‮ ‬الداخل والخارج‮ ‬السد أو المنفى‮. ‬اجتراح العيش والصبر على المقام أو الهجرة في‮ ‬المنافي‮. ‬وتمضي‮ ‬القصيدة في‮ ‬سرد للتاريخ‮ ‬يتجاذبه الداخل والخارج‮. ‬ان تاريخ اليمن لا‮ ‬ينحصر في‮ ‬داخلها‮ ‬ولكنه‮ ‬يمتد الى الخارج أو أن الخارج‮ ‬يمتد الى الداخل‮.‬
ومن تغريبة الأوطان ومنافيها وحتى جحيم الغزو الذي‮ ‬صار رمادا‮ ‬في‮ ‬نجران‮ ‬قارة‮ ‬وجعل صحراء اليمن متاهة لجيوش الاسكندر تارة أخرى‮ ‬وارض الموت والهلاك لجنود الأتراك‮ ‬وبين هذه المصائر لا‮ ‬ينسى البردوني‮ ‬مصير الشاعر وضاح في‮ ‬قصر أم البنين‮ ‬حيث مات حلم الشاعر ومات الشاعر بلا ثمن‮ ‬في‮ ‬صندوق مقفل مليء بالأسرار‮.‬
طاف الشاعر تاريخ اليمن‮ ‬ملاحقا‮ ‬تلك الورقة المسافرة من أول قصة الهدهد إلى أخر قصة البلاد التي‮ ‬غيرت اسماءها وطوال رحلة السرد‮ ‬يبدو الألم سيد الأحاسيس وأميرها‮.‬
حتى أن حكمة البردوني‮ ‬التي‮ ‬قالها في‮ ‬حضرة ابي‮ ‬تمام‮ »‬إن طريق الراحة التعب‮«‬‮ ‬هذه الحكمة ليست صحيحة‮ ‬لكثرة ما توالى علينا من تعب‮ ‬ونخشى أن‮ ‬يصبح هذا التعب اعتياديا‮.‬
ولئن كان التاريخ‮ ‬غالبا‮ ‬على هذه القصيدة‮ ‬لكننا نجد البردوني‮ ‬يجاهد للإمساك باللحظة الشعرية‮ ‬ليس لحظة الابداع وحسب‮ ‬ولكن لحظة الامساك بالعالم وامتلاك التاريخ‮. ‬وهذا ما‮ ‬يميز كتابته الشعرية عن كتاباته النثرية‮. ‬فهذه الكتابات على الرغم من اهميتها‮ ‬إلا أنها لا تحمل جرأة الشعر وقوة اسئلته انها كتابات مقيدة بتوجيه العقل‮ ‬على ما فيها من صراحة وشفافية ونقد‮ ‬وعلى ما تثيره من إزعاج للكثيرين‮ ‬ممن لا‮ ‬يحبون فتح أعشاش الدبابير التي‮ ‬تملأ تاريخنا‮. ‬ان البردوني‮ ‬الشاعر‮ ‬يتحرر من قيود العقل وشروط المنطق‮ ‬حين‮ ‬يجوس في‮ ‬ظلام الوجود باحثا‮ ‬في‮ ‬ليل المعنى عن جوهر التاريخ وهذا هو سر الشعرية‮ ‬حرية حرة كما قال رامبو‮.‬
حرية الكشف والاكتشاف‮. ‬ربما أن هذه الحرية لا تجعل الشاعر مؤرخا‮ ‬بالمعنى المعروف‮ ‬لكنها تجعله‮ ‬يحس احساسا‮ ‬عميقا‮ ‬باتجاهات التاريخ‮ ‬تجعله تاريخانيا‮ ‬اذا أمكن القول‮.‬
لقد بين اوكتافيو باث‮ »‬أن كل قصيدة هي‮ ‬محاولة للمصالحة بين التاريخ والشعر لصالح الشعر‮. ‬ذلك أن الشاعر‮ ‬حتى عندما‮ ‬يندمج في‮ ‬المجتمع الذي‮ ‬يعيش فيه وعندما‮ ‬يشارك في‮ ‬ما‮ ‬يسمى مجرى العصر‮ ‬ينشد دوما‮ ‬التملص من طغيان التاريخ‮«‬‭.‬
والذي‮ ‬يظ

قد يعجبك ايضا